تخطى إلى المحتوى

أوراد أيام الأسبوع

قال سيِّدي الشَّيخُ الأكبرُ وَالنُّورُ الأَزهَرُ محيي الدين ابن العربي رضي اللهُ عنه ونفعنا اللهُ بعُلُومه فِي الدُّنيا والآخرة: الحمد لله على توفيقه، وَأَسأَلُهُ الهدايةَ إِلى طريقِهِ، وإِلهامًا عَلَى تَحقِيقِهِ، وَقَلبًا مُؤمِنًا إِلى تَصدِيقِهِ، وَعَقلًا نُورَانيًّا بِعِنَايَةِ تَسبِيقِهِ، وَرُوحًا رُوحَانيًّا إِلى تَشرِيقِهِ، وَنَفسًا مُطمَئِنَّةً مِنَ الجَهلِ وَتَطبِيقِهِ، وَفَهمًا لاَمِعاً بِإِلمَاعِ الفِكرِ وَبَرِيقِهِ، وَسِرًّا زَاهِرًا بِسَلسَبِيلِ الفَتحِ ورحيقِهِ، وَلِسانًا مَبسُوطًا بِبِسَاطِ البَسطِ وَتَروِيقِهِ، وَفِكرًا سَامِعًا عَينَ زُخرُفِ الفَانِي وَتَزوِيقِهِ، وَبصِيرَةً تُشَاهِدُ سِرَّ الوُجُود فِي تَغرِيب الكَونِ وَتَشرِيقِه، وَحَوَاسًّا سَالِمَةً بمجارِي الرُّوحِ وَتطرِيقِهِ، وفطرةً طَاهِرَةً مِن زُكَامِ النَّقصِ وَتَطبِيقِهِ، وَقَرِيحَةً مُنقَادَةً بِزِمَامِ الشَّرعِ وَتَوثِيقِهِ، وَوَقتًا مُسَاعِدًا لجمعه وَتَفرِيقِهِ، وَصَلاَةً وَسَلاَمًا عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَفَرِيقِهِ، وَالخُلَفَاءِ مِن بَعده وَالتَّابِعِينَ سُلُوكَ طَرِيقِهِ، وَسَلّم تَسلِيما.

 أَمَّا بَعدُ: فَإِنَّ المُرَادَ هُوَ اللهُ فِي الوُجُودِ وَالشُهُودِ، وَهُوَ المَقصُودُ وَلَا إِنكَارَ وَلَا جُحُودَ، وَهُوَ حَسْبِي وَنِعْمَ الوَكِيل.

ورد يوم الاحد

بسم الله الرحمن الرحيم

بِسمِ اللهِ فاتِحِ الوُجُود، وَالحمدُ للهِ مُظهرِ كُلّ مَوجُود، وَلاَ إِلَهَ إِلا اللهُ توحيدًا مُطلقًا عَن كَشفٍ وَشُهُود، وَاللهُ أَكبر، مِنهُ بَدَأَ الأَمرُ وَإِلَيهِ يَعود، وَسُبحَانَ اللهِ مَا ثَمَّ سِواهُ فيُشْهَد، وَلاَ مَعَهُ غَيرهُ مَعبود؛ وَاحِدٌ أَحَدٌ، وَهُوَ عَلَى مَا عَلَيهِ كانَ قبلَ الحُروفِ وَالحُدود، لَهُ فِي كُلّ شيءٍ آيةٌ تدلُّ عَلَى أَنَّه وَاحدٌ مَوجُود، سترَ سِرّه عَن الإِدراكِ وَالنُّفود، وَلا حَولَ وَلاَ قُوَّةَ إِلا باللهِ العليِّ العَظِيم، كَنْزٌ اختصَّنَا بِهِ مِن خَزَائِنِ الغَيبِ وَالجُود، أَستنزِلُ بِهِ كُلَّ خَيرٍ وَأَدفَعُ به كُلَّ شَرٍّ وَضَير، وَأَفتِقُ بِهِ كُلَّ رَتقٍ مَسدُود، وَإِنَّا للهِ وَإِنَّا إِلَيهِ راجعونَ فِي كُلِّ أَمرٍ نَزَلَ أَو هُوَ نازلٌ، وَفِي كُلِّ حَالٍ وَمَقامٍ وَخَاطرٍ وَوَاردٍ وَمصدرٍ وَوُرُود، وَاللهُ هُوَ المرجوُّ بِكلّ شيءٍ وَفِي كُلّ شيءٍ هُوَ المأَمولُ وَالمقصود، وَالإِلهامُ مِنهُ وَالفَهمُ عنهُ وَالموجودُ هُوَ وَلاَ إِنكارَ وَلاَ جحود.

 إِذَا كَشَفَ فَلاَ غَير، وَإِذا سَتَرَ فكُلٌّ غَير، وَكُلُّ محجوبٍ مَبعود، باطنٌ بالأَحَدِيَّةِ ظَاهرٌ بالوَاحدِيَّةِ، وَعنهُ وَبهِ كانَ كَونُ كُلّ شيءٍ وَلاَ شيء، إِذِ الشَّيءُ بالحقيقةِ معدومٌ مفقود، فَهُوَ الأَوَّلُ وَالآخِرُ وَالظَّاهرُ وَالبَاطنُ وَهُوَ بِكلّ شيءٍ عليمٌ قبلَ كَونِ الشّيءِ وَبَعدَ الوُجُود، وَلَهُ الإِحاطةُ الواسعَةُ وَالحقيقَةُ الجامعَةُ، وَالسرُّ القائمُ، وَالمُلكَ الدَّائمُ، وَالحُكمُ اللازِمُ، أَهلُ الثَّناءِ وَالمَجد، وَأحَدِيُّ الأَسماءِ وَالصّفات، عليمٌ بالكلّياتِ وَالجزئيات، محيطٌ بالفوقيَّاتِ وَالتحتيَّات، وَلَهُ عَنَتَ الوجوهُ من كُلّ الجهات.

اللَّهُمَّ يَا مَن هُوَ المحيطُ الجامع، وَيَا مَن لاَ يمنعُهُ من العطاءِ مانع، وَيَا مَن لا ينفَدُ مَا عِندَهُ، وَعمَّ جميعَ الخلقِ جودُهُ وَرفدُهُ.

 اللَّهُمَّ افتح لي أغلاقَ هذِهِ الكُنُوز، وَاكشف لي عَن حقائقِ هذه الرُّموز، وَكُن أَنتَ مُواجِهِي وَوجهَتي، وَاحجُبني برُؤيتي لَكَ عَن رُؤيَتي، وَامحِ بظهورِ تجلّيكَ جميعَ صِفاتي، حَتَّى لاَ يَكونَ لي وُجهةٌ إِلَّا إِلَيكَ، وَلاَ يقع مِنّي نظرٌ إِلا عَلَيكَ.

 وَانظُرِ اللَّهُمَّ لي بعينِ الرَّحمةِ وَالعنايةِ وَالحِفظِ وَالرّعايةِ وَالاختصاصِ وَالولايةِ فِي كُلّ شيءٍ حَتَّى لاَ يحجُبني عَن رُؤيتي لَكَ شيء، وَأَكونَ ناظرًا إِلَيكَ بما أَمدَدتَني بِهِ مِن نظرِكَ فِي كُلّ شيء، وَاجعَلني خاضعًا لتجلّيكَ، أَهلًا لاختصاصِكَ وَتولّيكَ، محلَّ نظركَ مِن خلقِكَ، مُفِيضًا عَلَيهِم مِن عطائِكَ وَفضلِكَ، يَا مَن لَهُ الغِنى المُطلق، وَلعبدِهِ الفقرُ المحقَّق، يَا غنيًّا عَن كُلّ شيءٍ وَكُلُّ شيءٍ مُفتقرٌ إِلَيه، يَا مَن بيدِهِ أَمرُ كُلّ شيءٍ، وَأَمرُ كُلّ شيءٍ راجعٌ إِلَيه، يَا مَن لَهُ الوُجُود المطلقُ فَلَا يَعلمُ مَا هُوَ إِلَّا هُوَ، وَلاَ يُستدلُّ عَلَيهِ إِلا بِه، وَيَا مُسخِّرَ الأَعمالِ الصالحةِ للعبدِ ليعودَ نفعُهَا عَلَيه، لاَ مقصودَ لي غَيرُك، وَلا يَسعني إِلا جُودُكَ وَخيرُكَ، يَا جوادُ فَوقَ المراد، يَا مُعطي النَوَالِ قَبلَ السُّؤال، يَا مَن وَقَفَ دُونَهُ قَدَمُ عَقلِ كُلّ طالب، يَا مَن هُوَ عَلَى أَمرِهِ قادرٌ وَغالب، يَا مَن هُوَ لِكُلّ شيءٍ وَاهب، وَإِذَا شاءَ سَالب، أَهِمُّ بالسُّؤالِ فأَجدُني عبدًا لَكَ عَلَى كُلّ حال، فَتَوَلَّني يامولاي فَأَنتَ أَولى بِي مِنّي، كَيفَ أَقصُدُكَ وَأَنتَ وَراءَ القَصد، أَم كَيفَ أَطلُبُكَ وَالطَّلَبُ عينُ البُعد، أَيُطلَبُ مَن هُوَ قَريبٌ حاضر! أَم يُقصدُ مَنِ القَاصِدُ فِيهِ تائِهٌ حائِر! الطَّلَبُ لاَ يُوصلُ إِلَيكَ، وَالقَصدُ لاَ يَصدُقُ عَلَيكَ، تجلّيَاتُ ظاهرِكَ لاَ تُلْحَقُ وَلاَ تُدركَ، وَرموزُ أَسرارِكَ لاَ تَنحَلُّ وَلا تَنفَك، أَيَعلَمُ الموجودُ كُنهَ مَن أَوجَدَهُ! أَم يَبلغُ العبدُ حقيقَةَ مَنِ استَعبَدَهُ! الطَّلَبُ وَالقَصدُ وَالقُربُ وَالبُعدُ مِن صفاتِ العبد، وَمَاذَا يُدرِكُ العبدُ بِصفاتِهِ مِمّن هُوَ مُنزَّهٌ متعالٍ فِي عُلُوِّ ذَاتِهِ! فَكُلُّ مخلوقٍ محلُّهُ العجزُ فِي موقِفِ الذُلِّ عَلَى بابِ العزِّ عَن نيلِ إِدراكِ هَذَا الكَنز، كَيفَ أَعرفُكَ وَأَنتَ البَاطنُ الَّذِي لا تُعرَف! أَم كَيفَ لاَ أَعرفُكَ وَأَنتَ الظَّاهرُ إِليَّ فِي كُلّ شيءٍ تتعرّفُ! كَيفَ أُوحِّدُكَ وَلاَ وُجُودَ لي فِي عَينِ الأَحَدِيَّة! أَم كَيفَ لاَ أُوحِّدكَ وَالتوحيدُ سرُّ العُبُودِيَّة! سُبحَانَكَ لا إِلَهَ إِلاَّ أَنتَ مَا وَحَّدَكَ مِن أَحَد، إِذ أَنتَ كَمَا أَنتَ فِي سَابقِ الأَزَلِ وَلاحِقِ الأَبَد، فَعَلَى التَّحقيقِ مَا وَحَّدَكَ أَحَدٌ سِواكَ، وَفِي الجُملةِ مَا عَرَفَكَ إِلَّا إِيَّاكَ، بَطنتَ وَظَهَرتَ، فَلاَ عَنكَ بَطنتَ، وَلاَ لِغَيرِكَ ظهرتَ، فَأَنتَ أَنتَ لا إِلَهَ إِلاَّ أَنتَ، فَكَيفَ بِهذَا الشَّكلِ يَنحَلّ، وَالأَوَّلُ آخِرٌ وَالآخِرُ أَوَّل، فَيَا مَن أَبهَمَ الأَمرَ وَأَبطَنَ السِّرَّ، وَأَوقَعَ فِي الحَيرَةِ وَلَا خيرة، أَسأَلُكَ اللهُمَّ كَشْفَ سِرِّ الأَحَدِيَّة، وَتحقيقَ العُبُودِيَّة، وَالقِيامَ بحقوقِ الرُّبوبيّةِ، بما يليقُ بحضرتِهَا العليَّةِ، فَأَنَا مَوجُودٌ بِكَ حادثٌ معدوم، وَأَنتَ مَوجُودٌ باقٍ حَيُّ قَيُّوم، قَديمٌ أَزليٌّ عالمٌ معلوم.

 فَيَا مَن لا يَعْلَمُ مَا هُو إِلَّا هُو، يَا هُو أَسأَلُكَ اللهُمَّ الهربَ مِنّي إِلَيكَ، وَالجمعَ بجميعِ مجموعِي عَلَيكَ، حَتَّى لاَ يكون وَجُودِي حِجابِي عَن شُهُودِي، يَا مَقصُودِي، يَا مَعبُودِي، مَا فَاتَنِي شيءٌ إِذَا أَنَا وَجَدتُكَ، وَلا جَهِلتُ شيئًا إِذَا أَنَا عَلِمتُكَ، وَلا فَقَدتَ شيئًا إِذَا أَنَا شَهِدتُكَ، فَنائِي فِيكَ وَبَقَائِي بِكَ وَمَشهُودِي أَنتَ، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنتَ كَمَا شهدت وَكَمَا عَلِمت وَكَمَا أَمرت، فشُهُودِي عَينُ وجُودِي، فَمَا شهدتُ سوايَ فِي فَنَائِي وَبَقَائِي، فالإِشَارةُ إِليَّ، وَالحُكمُ لي وَعَلَيَّ، وَالنَّسَبُ نَسَبي، وَكُلُّ ذلكَ رُتَبي، وَالشَّأَنُ شَأَني فِي الظُّهُورِ وَالبُطُونِ، وَسَرَيَانُ السِّرِّ المَصُونِ هُوِيَّةٌ ساريَة، وَمظاهرٌ بادِيَة، وُجُودٌ وَعَدَمْ، نُورٌ وَظُلَمْ، سمعٌ وَصَمَمْ، لَوحٌ وَقَلَمْ، جَهلٌ وَعِلمْ، حَربٌ وَسِلمْ، صَمتٌ وَنُطقْ، رَتقٌ وَفَتقْ، حَقِيقَةٌ وَحَقّ، غَيبُوبَةُ أَزَل، دَيمُومَةُ أَبَد، قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1) اللَّهُ الصَّمَدُ (2) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ (4) [الإخلاص: ١ – ٤]

  وَصَلَّى اللهُ عَلَى الأَوَّلِ فِي الإِيجَادِ وَالوُجُود، الفَاتحِ لِكُلِّ شاهدٍ وَمشُهُود، وَحضرةِ الشاهدِ وَالمشُهُود، وَالسِرِّ الباطنِ، وَالنُّورِ الظاهرِ عينِ المقصود، مميِّزِ قَبْضَتَي السَّبقِ فِي عالمِ الخلقِ فِي المخصوصِ وَالمبعودِ، الرُّوحِ الأَقدسِ العَليِّ، وَالنُّورِ الأَكملِ البَهِيّ، القائِمِ بكمالِ العُبُودِيَّةِ فِي حضرةِ المعبُود، الَّذِي أَفْيَضَ عَلَى رُوحانيَّتِهِ مِن حضرةِ رحمانيَّتِهِ، وَاتَّصَلَتْ بمشكاةِ قَلبِهِ أَشعةِ نورانيَّتِهِ، فَهُوَ الرَّسُولُ الأَعظمُ، وَالنبيُّ المكرَّمُ، وَالوليُّ المقرَّبُ المَسْعُودُ، وَعَلَى آلِهِ وَأَصحابِهِ خزائِنِ أَسرَارِهِ، وَمطالعِ أَنوارِهِ، كنوزِ الحَقَائقِ، هُداةِ الخَلَائِقِ، نجومِ الهُدى لمن اقتدَى، وَسَلّم تسليمًا كثيرًا إِلى يَومِ الدِّينِ، وَسُبحَانَ الله وَمَا أَنَا مِنَ المُشرِكِينَ، وَحَسبُنَا اللهُ وَنِعمَ الوَكِيلُ، وَلاَ حَولَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ العليِّ العَظيمِ، وَالحَمدُ للهِ رَبِّ العَالَمِين.

ورد يوم الاثنين

بسم الله الرحمن الرحيم

اللَّهُمَّ إِنّي أَسأَلُكَ النُّورَ وَالهُدَى، وَالأَدَبَ فِي الاقتِدَا، وَأَعوذُ بِكَ مِن شَرّ نَفسِي، وَمِن شَرّ كُلّ قاطعٍ يقطعُني عَنك، لاَ إِلَهَ إِلَّا أَنت: قَدِّس نَفسِي مِنَ الشُّبُهَات وَالأَخلَاقِ السَّيئات، وَالحُظُوظِ وَالغَفَلات، وَاجعَلني عَبدًا مُطِيعًا لَكَ فِي جميعِ الحالات، يَا عليمُ علّمني مِن عِلمكَ، يَا حكيمُ أَيّدنِي بحِكَمِكَ، يَا سميعُ أَسمعني مِنكَ، يَا بصيرُ بصِّرني فِي آلائِكَ، يَا خبيرُ فهّمني عَنكَ، يَا حَيُّ أَحيِني بذكرِكَ، يَا مُريدُ خلّص إِرادَتِي بقدرتِكَ وَعظَمتِكَ، إِنَّكَ عَلَى كُلّ شيءٍ قدير.

 اللهُمَّ إِنّي أَسأَلُكَ باللاهُوت ذِي التَّدبِير، وَالنَّاسُوتِ ذِي التَّسخِير، وَالعَقلِ ذِي التَّأَثِير، المحيطِ بالكُلّ وَالجُملةِ وَالتَّفصيلِ فِي التَّصويرِ وَالتَّقدير.

 أَسأَلُكَ بذَاتِكَ الَّتي لا تُدرَكُ وَلاَ تُترَكُ، وَبِأَحَدِيَّتِكَ الَّتي مَن تَوَهَّمَ فِيهَا المعيَّةَ فَقَد أَشْرَك، وَبإِحاطَتِكَ الَّتي مَن ظَنَّ فِي أَزَلِيَّتِهَا غَيرًا فَقَد أَفك، وَمن نِظَامِ الإِخلاصِ فَقَدِ انْفَك.

يَا مَن سُلبَ عَنهُ تَنزِيهًا مَا لَم يَكُن فِي قِدَمِه، يَا مَن قَدِرَ عَلَى كُلِّ شَيءٍ بإِحاطتِهِ وَعِظَمِهِ، يَا مَن أَبرَزَ نُورَ كُلّ مَوجُودٍ مِن ظُلْمَةِ عَدَمِه، يا مَن صوّرَ أشخاصَ الأفلاكِ بما أودعَ في علمهِ مِن قلمهِ، يَا مَن صَرَّفَ أَحكامَهُ بِأَسرَارِ حُكْمِه، أُنَادِيكَ استِغَاثَةَ بعيدٍ بقريب، وَأَطلُبُكَ طَلَبَ مُحِبٍّ لِحَبِيب، وَأَسأَلُكَ سُؤَالَ مُضطَرٍّ لمجيب، ارفَع حِجَابَ الغَيب، وَحُلَّ عِقَالَ الوَهمِ وَالرَّيب.

 اللهُمَّ أَحيِني بِكَ حياةً طيّبَةً وَاجِبَةً، وَعلّمني كَذلِكَ مِن لَّدُنكَ عِلمًا محيطًا بأَسرَارِ المَعلُومَات، وَافتَح لي بِقُدرَتِكَ كَنزَ الجَنَّةِ وَالعَرشِ وَالذَّات، وَامحَقنِي تحتَ أَنوارِ الصّفات، وَخلّصني بمنَّتِكَ مِن جميعِ القُيُودِ المُقَيّدَات، سُبحَانَكَ تَنزِيهًا، سُبُّوحٌ تَنَزَّهْتَ عَن سماتِ الحُدوثِ وَصفاتِ النَّقض، قُدُّوسٌ تَطَهَّرتَ مِن أَشبَاهِ الظَّنّ وَالذَّمّ وَمُوجِبَاتِ الرَّفضِ، سُبحَانَكَ أَعجزتَ كُلَّ طالبٍ عَن الوُصولِ إِلَيكَ إِلَّا بِك، سُبحَانَكَ لا يَعلمُ مَن أَنتَ سِوَاك، سُبحَانَكَ مَا أَقربَكَ مَعَ ترفُّعِ عُلاك.

 اللهُمَّ أَلبِسني سُبحةَ الحَمد، وَردّنِي برداءِ العزّ، وَتَوِّجْنِي بتاجِ الجَلالِ وَالمَجد، وَجرّدني عَن صِفَاتِ ذَواتِ الهَزلِ وَالجد، وَخلّصني مِن قُيودِ العَدّ وَالحَدّ، وَمُباشرَةِ الخِلافِ وَالنَّقضِ وَالضِدّ.

 إِلهِي عَدَمِي بِكَ عَينُ الوُجُودِ، وَوُجُودِيَ مَعَكَ عَينُ العَدَم، إِلَهِي فَجُد بِوُجُودِكَ الحقّ عَلَى عَدَمِي بالأَصل، حَتَّى أَكونَ كَمَا كُنتُ حيثُ لم أَكُن، وَأَنتَ كَمَا أَنتَ حيثُ لَم تَزَل.

 إِلهِي فَأَبدِلني مَكانَ تَوَهُّمِ وُجُودِي مَعَكَ بتحقيقِ عَدَمِي بِكَ، وَاجمع شملي باستِهلاكِي فِيكَ، لا إِلَهَ إِلَّا أَنتَ تَنَزَّهْتَ عَنِ المَثِيل، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنتَ تَعَالَيتَ عَنِ النَّظِير، لا إِلَهَ إِلا أَنتَ استَغنَيتَ عَنِ الوَزيرِ وَالمُشِير، لا إِلَهَ إِلا أَنتَ يَا أَحَدُ يَا صَمَد، لاَ إِلَهَ إِلا أَنتَ بِكَ الوُجُود، وَلَكَ السُّجُود، وَأَنتَ الحَقُّ المَعبُود.

 أَعُوذُ بِكَ مِنّي، وَأَسأَلُكَ زَوَالِي عَنّي، وَأَستغفرُكَ مِن بقيَّةٍ تُبْعِدُ وَتُدنِي، وَتُسمِّي وَتُكَنِّي.

 أَنتَ الوَاضِعُ الرَّافِع، وَالمُبدِعُ وَالقَاطِع، وَالمُفرّقُ وَالجامِع. يَا وَاضِعُ يَا رَافِعُ، يَا مُبدِعُ يَا قَاطِعُ، يَا مفرّقُ يَا جامِع، العِيَاذَ العِيَاذ، وَالغِيَاثَ الغِيَاث، يَا عِيَاذِي يَا غِيَاثِي، النَّجَاةَ النَّجَاة، المَلاذَ المَلاذ، يَا مَن بِهِ نجَاتِي وَمَلاذِي: أَسأَلُكَ فِيمَا سَأَلتُكَ وَأَتَوَسَّلُ إِلَيكَ فِي قَبُولِ ذلِكَ بمقدّمَةِ الوُجُودِ الأَوَّل، وَنُورِ العِلمِ الأَكمَل، وَرُوحِ الحَيَاةِ الأَفضَل، وَبِسَاطِ رَحمَةِ الأَزَل، وَسماءِ الخُلُقِ الأَجَلّ، السَّابِقِ بِالرُّوحِ وَالفَضل، وَالخَاتمِ بالصُّورَةِ وَالبَعث، والنُّورِ بالهِدَايَةِ وَالبَيَان، وَالرَّحمَةِ بالعِلمِ وَالتَّمكِينِ وَالأَمَان، سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ المُصطَفَى، وَالصَفِيِّ المُرتَضَى، وَالنَبيِّ المجتَبَى، وَالرَّسُولِ المُقتَدَى، صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحبِهِ وَسَلَّمَ تَسلِيمًا كَثِيرًا إِلى يَومِ الدّين، وَالحَمدُ للهِ رَبِّ العَالَمِين.

ورد يوم الثلاثاء

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رَبّ أَدخِلني فِي لُجَّةِ بحرِ أُحَدِيَّتِكَ، وَطمطَامِ يَمِّ وَحدَانِيَّتِكَ، وَقَوِّنِي بِقُوَّةِ سَطوَةِ سُلطَانِ فَردانِيَّتِكَ، حَتَّى أَخرُجَ إِلى فَضَاءِ سَعَةِ رَحمَتِكَ وفي وجهي لمعان برقِ القربِ مِن آثارِ رحمتِك، مَهِيبًا بِهَيبَتِك، عَزِيزًا بِعِزَّتِك، مُعَانًا بِعِنَايَتِك، مُبَجّلًا مُكَرَّمًا بِتَعلِيمِكَ وَتَربِيَتِكَ وَتَزكِيَتِك.

 اللهُمَّ وَأَلبِسني خِلَعَ العِزَّةِ وَالقَبُول، وَسَهِّل لي مَنَاهِجَ الوصلَةِ وَالوُصُول، وَتَوِّجني بِتَاجِ الكَرَامَةِ وَالوَقَار، وَأَلِّف بَينِي وَبَينَ أَحبَابِكَ فِي دَارِ الدُّنيَا وَدَارِ القَرَار، وَارزُقني مِن نُورِ ذَاتِكَ بِنُورِ أسمِائك هَيبَةً وَسَطوَةً حَتَّى تَنقَادَ إِليّ القُلُوبُ وَالأَروَاح، وَتخضَعَ لَدَيَّ النُّفُوسُ وَالأَشبَاحُ، يَا مَن ذَلَّتْ لَهُ رِقَابُ الجَبَابِرَةُ، وَخَضَعَتْ لَدَيهِ أَعنَاقُ الأَكَاسِرَةُ وَالفَرَاعِنَةُ، لا مَلجَأَ وَلا مَنجَا مِنكَ إِلا إِلَيكَ، وَلا إغاثة إِلا مِنكَ وَلا اتِّكَالَ إِلا عَلَيكَ.

ادفَع عَني كَيدَ الحَاسِدِيِنَ، وَظُلُمَات شَرِّ المُعَانِدِينَ، وَاحفظني تحتَ سُرَادِقَات عِزّتِكَ، يَا أَرحَمَ الرَّاحمِينَ، يَا أَكرَمَ الأَكرَمِين، أَيِّد ظَاهِرِي فِي تحصِيلِ مَراضَيكَ، وَنَوِّر قَلبي وَسِرِّي لِلاطِّلاَعِ عَلَى مَنَاهِج مَسَاعِيكَ.

 إلهي كَيفَ أَصدُرُ عن بَابِكَ بِخَيبَةٍ مِنكَ وَقَد وَرَدتُهُ عَلَى ثِقَةٍ بِكَ، وَكَيفَ تُؤيِّسني مِن عَطَائِكَ وَقَد أَمَرتَني بِدُعَائِكَ، وَهَا أَنَا مُقبِلٌ عَلَيكَ مُلتَجِيءٌ إِلَيكَ، يَا عَزِيزُ بَاعِد بَيني وَبَينَ أَعدَائِيَ كَمَا بَاعَدتَ بَينَ المَشرِقِ وَالمَغرِبِ، وَاخطِف أَبصَارَهُم، وَزَلزِل أَقدَامَهُم، وَادفَع عَنِّي شَرَّهُم وَضَرَرَهُم بِنُورِ قُدسِكَ وَجَلالِ مَجدِكَ، إِنَّكَ أَنتَ اللهُ المُعطِي حَلاَئِلَ النِّعَمِ، المُبَجِّلُ المُكَرِّمُ لِمَن نَاجَاكَ بِلَطَائِفِ الرَّأفَةِ وَالرَّحمَةِ، يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ، يَا كَاشِفَ أَسرَارِ المَعَارِفِ وَالعُلُومِ، وَصَلَّى اللهُ عَلَى أَشرَفِ العَالَمِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحبِهِ وَسَلَّمَ، وَالحَمدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ.

ورد يوم الاربعاء

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رَبِّ أَكرِمني بِشُهُودِ أَنوَارِ قُدسِكَ، وَأَيِّدنِي بِظُهُورِ سَطوَةِ سُلطَانِ أُنسِكَ، حَتَّى أَتَقَلَّبَ فِي سُبحُاتِ مَعَارِفِ أَسمَائِكَ، تَقَلُّبًا يُطْلِعني عَلَى أَسرَارِ ذَرَّاتِ وُجُودِي، فِي عَوَالِمِ شُهُودِي، لأُشَاهِدَ بِهَا مَا أَودَعتَهُ فِي عَوَالِمِ المُلْكَ وَالمَلَكُوتِ، وَأُعَايِنَ بِهَا مِن سَرَيَانِ سِرِّ قُدرَتِكَ مَا فِي شَوَاهِدِ اللاهُوت وَالنَّاسُوت.

وَعَرِّفني مَعرِفَةً تَامَّةً وَحِكمَةً عَامَّةً حَتَّى لاَ يَبقَى مَعلُومٌ إِلا وَأَطَّلِعُ عَلَى دَقَائِقِ رَقَائِقِ حَقَائِقِهِ المُنبَسِطَةِ فِي المَوجُودَات، وَأَدفَعَ بِهَا ظُلمَةَ الأَكوَانِ المَانِعَةِ عَن إِدرَاكِ حَقَائِقِ الآيَات، وَأَتَصَرَّفُ بِهَا فِي القُلُوبِ وَالأَروَاح بِمُهَيِّجَاتِ المَحبةِ وَالوِدَادْ، وَالرُّشدِ وَالرَّشَاد، إِنَّكَ أَنتَ المُحِبُّ المَحبُوب، الطَّالِبُ المَطلُوب. يَا مُقَلِّبَ القُلُوب، يَا كَاشِفَ الكُرُوب، وَأَنتَ عَلَّامُ الغُيُوب، سَتَّارُ العُيُوب، يَا مَن لَم يَزَل غَفَّارًا، وَلَم يَزَل سَتَّارًا.

 يَا حَفِيظُ يَا وَاقِي يَا دَافِعُ يَا مُحسِنُ يَا عَطُوفُ يَا رَؤُوفُ يَا لَطِيفُ يَا عَزِيزُ يَا سَلامُ اغفِر لي، وَاستُرنِي، وَاحفَظني، وَقِني، وَادفَعْ عَني، وَأَحسِن إليَّ، وَتَعَطَّف عَلَيَّ، وَارأفْ بِي، وَالطُفْ بِي، وَأَعِزَّنِي وَسَلِّمْني، وَلاَ تُؤَاخِذنِي بِقَبِيحِ أَفعَالي، وَلاَ تُجَازِنِي بِسُوءِ أَعمَالي، وَتَدَارِكني آجِلًا وَعَاجِلًا بِلُطفِكَ التَّامِّ، وَخَالِصِ إِنعَامِ رَحمَتِكَ، وَلاَ تُحْوِجَني إِلى أَحَدٍ سِوَاكَ، وَعَافِني وَاعفُ عَني، وَأَصلِح لي شَأَنِي كُلَّهُ، لا إِلَهَ إِلا أَنتَ سُبحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِن الظَّالمِينَ، وَأَنتَ أَرحَمُ الرَّاحمِينَ، وَصَلَّى اللهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحبِهِ أَجمَعِينَ، وَالحَمدُ للهِ رَبِّ العَالَمِين.

ورد يوم الخميس

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

إِلهِي أَنتَ القَدِيمُ بِذَاتِكَ، وَالمحيطُ بصفاتِكَ، وَالمتجلي بأَسمَائِكَ، وَالظاهرُ بأَفعَالِكَ، وَالباطنُ بما لا يعلمه إِلا أَنتَ، تَوَحَّدْتَ فِي جلالكَ، فَأَنتَ الواحدُ الأَحَدُ، وَتَفَرَّدْتَ بالبقاء فِي الأَزَل وَالأَبد، أَنتَ أَنتَ اللهُ المنفردُ بالوَحدَانِيَّةِ فِي إِيَّاكَ، لَا مَعَكَ غَيرُكَ وَلَا فِيكَ سِوَاكَ، أَسأَلُكَ الفناءَ فِي بقائِكَ وَالبقاءَ بكَ لا معكَ، لاَ إِلَهَ إِلَّا أَنتَ.

 إِلَهي: غيِّبْنِي فِي حضوركَ، وَأَفنني فِي وُجُوْدِكَ، وَاستهلكني فِي شُهُودِكَ، وَاقطع بَينِي وَبَينَ القواطِعِ التي تقطعُ بَينِي وَبَينَكَ، وَاشغلنِي بالشغل بِكَ عَن كُلِّ شَاغِلٍ يُشْغِلُنِي عَنْكَ، لا إِلَهَ إِلَّا أَنتَ.

 أَنتَ الموجودُ الحَقُّ وَأَنَا المعدومُ الأَصلُ، بقاؤك بالذات وبقائي بالعَرَضِ، لا إله إلا أنتَ إلهي، فجُد بوجودي الحقّ عَلَى عدمي فِي الأَصل، حَتَّى أَكونَ كما كنتُ حيث لم أَكن، وَأَنتَ كما أَنتَ حيث لم تَزَل، لا إِلَهَ إِلا أَنتَ.

 إِلهِي: أَنتَ الفعَّالُ لِمَا تُرِيْد، وَأَنَا عبدٌ لَكَ من بعضِ العبيد. إِلَهِي: أنتَ أَردتني وَأَردتَ مِنِّي، فأَنَا المرادُ وَأَنتَ المُرِيْدُ، فكُنْ أَنتَ مُرَادَكَ مِنِّي حَتَّى تكون أَنتَ المرادَ وَأَنَا المريدُ، لا إِلَهَ إِلا أَنتَ.

 إِلهِي: أَنتَ الباطنُ فِي كُلِّ غيب، وَالظاهرُ فِي كُلّ عَيْن، وَالمسموعُ فِي كُلِّ خَبَرِ صدقٍ وَمَيْن، وَالمعلومُ فِي مرتبة الواحدِ وَالاثنين، تَسَمَّيْتَ بأَسماءِ النزول فاحتجبتَ عَن لواحظِ العيون، وَاختَفَيتَ عَن مداركِ العقول.

إِلَهِي: تَجَلَّيْتَ بخصائص تجليات الصفات فتنوَّعَتْ مراتبُ الموجودات، وَتسميتَ فِي كُلِّ مرتبةٍ بحقائقِ المسميات، وَنصبتَ شواهدَ العقولِ عَلَى دقائقِ حقائقِ غيوبِ المعلومات، وَأَطلقتَ سوابقَ الأَروَاحِ فِي ميادين المعارفِ الإِلهية فحارتْ ثم طارتْ فِي إِشاراتِ لطائفها السَّرَيانية، فلما غيَّبْتَها عَن الكلية وَالجزئية، وَعن الإنّية وَالأَينية، وَسلبْتَها عَن الكمية وَالماهية، وَتعرفتَ لَهَا فِي معارف التنكير بالمعارف الذَاتِية، وَحررتها بمطالعات الربوبية فِي المواقف الإِلهية، وَأَسقطتَ عنها البَينَ عِندَ رفع حجاب الغَيْن، فانتظمتْ بالانتظامِ القديم فِي سِلكَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ.

  إِلهِي: كَم أُنَاديكَ فِي النادي وَأَنتَ المنادي للنادي، وَكَم أُنَاجيكَ بمناجاة الناجي وَأَنتَ المناجي للناجي.

 إِلهِي: إِذَا كان الوصلُ عينَ القطع، وَالقُربُ نفسَ البُعد، وَالعِلمُ موضعَ الجهل، وَالمعرفةُ مُستقرَ التنكير، فكيف القصدُ؟ وَمِن أَين السبيل؟

 إِلهِي: أَنتَ المطلوبُ وَراءَ كُلِّ طالبٍ قاصد، وَالإِقرارُ فِي عين الجاحد، وَقربُ القُرْبِ فِي فَرْقِ المُتباعد، فمَن المُسعَدُ وَمَنِ المُسَاعِد؟ وَقد استولى الوهم عَلَى الفَهْمِ، فمَن المُبعَد وَمَن المُتَبَاعِد؟ الحُسْنُ يقولُ إِياكَ نعبد، وَالقُبْحُ ينادي تبارك الَّذِي أَحسَنَ كُلَّ شيءٍ خَلَقَه، فالأَولُ غايةٌ يقفُ عِندَها السَّيْر، وَالثاني حجابٌ بحكم توهُّمِ الغَيْر.

 إِلهِي: متى يتخلص العقلُ من عِقَالِ العَوَائِقِ، وَتَلحَظُ لواحِظُ الفِكرِ مَحَاسِنَ الحُسنى من أَعيُن الحَقَائِق، وَينفكُّ الفهمُ مِن أسْرِ الإِفك، وَينحلُّ الوهمُ مِن أَوصال أشراك الشِّرْك، وَينجو التَّصَوُّرُ من فِرَقِ فِرَاق الفَرْق، وَتتجرد النفس النفِيسة من خِلَقِ أَخْلَاقِ تَخَلُّقَاتِ الخَلْق؟

 إِلهِي: أَنتَ لا تنفعكَ الطاعات، وَلا تضرك المعاصي، وَبيدكَ قهر سلطان ملكوتِ القُلُوب وَالنواصي، وَإليكَ يرجع الأَمرُ كُلّه، فَلاَ نسبة للطائع وَالعاصي.

إِلهِي: أَنتَ لا يشغلكَ شأن عَن شأن. إِلهِي: أَنتَ لا يحصُرُكَ الوُجُود، وَلا يَحُدُّكَ الإِمكان. إِلهِي: أنت لا تُطلقك المعاني ولا تُقيدكَ الأعيان، إلهي: أَنتَ لاَ يحجبكَ الإِبهام وَلا يوضحكَ البيان. إِلهِي: أَنتَ لا يُرَجِّحُكَ الدليلُ، وَلا يحققكَ البرهان. إِلهِي: أَنتَ الأَزَلُ وَالأَبدُ فِي حقكَ سِيَان. إِلهِي: مَا أَنتَ، وَمَا أَنَا، وَمَا هُوَ، وَمَا هي؟ إِلهِي: فِي الكثرة أَطلبكَ لأَشهدكَ أَم فِي الوحدة؟ وَبالأَمَدِ أَنتظِرُ فَرَجَكَ أَم بالمُدَّة؟ وَلاَ مُدّة لعبدٍ دونكَ وَلا عُمْدَة.

 إِلَهِي: بقائي بِكَ فِي فنائي عني، أَم فِيكَ، أَم بِكَ؟ وفنائي كذلكَ محَقَّقٌ بِكَ أَم مُتَوَّهمٌ بِي، أَم بالعكس، أَم هُوَ أَمر مشترك؟ وَكذلكَ بقائي فِيكَ!

إِلهِي: سُكُوتِي خَرَسٌ يُوجِبُ الصَّمَمَ، وَكلامي صَمَمٌ يُوجِبُ البُكَمَ، وَالحِيرةُ في كُلٍّ وَلا خِيَرة!

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

 بسم الله حسبي الله، بسم الله وَبالله، بسم الله ربي الله، بسم الله توكلتُ عَلَى الله، بسم الله سأَلتُ مِن الله، بسم الله لا حول وَلا قوة إِلا بالله، ربنا عَلَيكَ توكلنا، وَإِلَيكَ أَنبنا، وَإِلَيكَ المصير.

 اللهُمَّ إِني أَسأَلُكَ بسرِّ أَمركَ، وَعظيم قدرتكَ، وَإِحاطةِ عِلمِكَ، وَخصائصِ إِرادَتِكَ، وَتأَثير قدرتِكَ، وَنفوذ سمعِكَ وَبصرِكَ، وَقَيُّومِيَّةِ حياتِكَ، وَوجوبِ ذَاتِكَ وَصفاتِكَ، يَا أَلله، يَا أَلله، يَا أَلله، يَا أَوَّلُ، يَا آخرُ، يَا ظاهرُ، يَا باطنُ، يَا نورُ، يَا حقُ، يَا مُبِينُ: اللهُمَّ خصِّص سرِّي بأَسرار وَحدَانِيَّتِكَ، وَقدّس روحي بقدسية تجلياتِ صفاتكَ، وَطهِّر قلبي بطهارةِ معارفِ إِلهيتكَ.

 اللهُمَّ وَعلِّم عقلي من علوم لدنيّتكَ، وَخلِّق نفسي بأَخلاق ربوبيتكَ، وَأَيّد حسي بإمداد أَنوار حضرات نورانيتكَ، وَخلّصْ خلاصةَ جواهرِ جسمانيتي من قيودِ الطبع وَكثافة الحس وَحَصْرِ المَكَانِ وَالكَون.

 اللهُمَّ وَانقلني من دركات خَلقي وَخُلقي إِلى درجات حقّك وَحقيقتكَ، أَنتَ وَلِيِّي وَمولاي، وَلكَ مماتي وَمحياي، إِياكَ نعبد وَإِياكَ نستعين.

انْظُرِ اللهُمَّ إِليّ نظرةً تُنَظِّمُ بِهَا جميعَ أَطوَارِي، وَتُطَهِّرُ بِهَا سريرةَ أَسراري، وَتَرْفَعُ بِهَا فِي الملأ الأَعلَى أَروَاحَ أَذكاري، وَتقوّي بِهَا مدد أَنواري.

 اللهُمَّ: غيبني عَن جميع خلقكَ، وَاجمعني عَلَيكَ بحقكَ، وَاحفظني بشُهُودِ تصرفات أَمركَ فِي عوالم فرقك.

 اللَّهُمَّ: بِكَ توسلتُ وَمنكَ سأَلتُ، وَفِيكَ لا فِي شيء سواكَ رغبتُ، لاَ أَسأَل مِنكَ سواكَ، وَلاَ أَطلب مِنكَ إِلا إِيَّاك.

 اللَّهُمَّ: وَأَتَوَسَّلُ إِلَيكَ فِي قبولِ ذلكَ بالوسيلة العظمى وَالفضيلة الكبرى، وَالحبيب الأَدنى، وَالولي المَوْلَى، مُحَمَّدٍ المصطفى، وَالصفِيِّ المُرْتَضَى، وَالنبيِّ المُجْتَبَى، وَبِهِ أَسأَلُكَ بِكَ أَن تصلي عَلَيهِ صلاةً أَبدية سرمدية أَزلية ديمومية قَيُّومُية إِلهِيَّة ربانية، بحيث تُشهدني ذلكَ فِي عينِ كماله، وَتستهلكني فِي عين معارف ذَاتِه، وَعَلَى آلِهِ وَأَصحابه كذلكَ، فَأَنتَ وَليُّ ذلكَ، وَلا حول وَلا قوة إِلا بالله العلي العظيم، وَالحَمدُ للهِ رَبِّ العَالَمِين.

ورد يوم الجمعة

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رَبِّ رَقِّني فِي مدارجِ المَعَارِفِ، وَقلبني فِي أَطوارِ أَسرارِ الحقائقِ، وَاحفظني وَاحجُبني فِي سرادقاتِ حِفظِكَ، وَمكنونِ سرِّ سَتْرِكَ، عَن وُرُودِ الخَواطرِ التي لا تليق بسبحاتِ جلالك.

 رَبِّ أَقمني بِكَ فِي كُلِّ شان، وَأشهدني لطفَكَ فِي كُلِّ قَاصٍ وَدَان، وَافتح عين بصيرتي فِي فضاء ساحة التوحيد، لأَشهد قيامَ الكلِّ بِكَ شُهُودًا يقطع نظري عَن كُلِّ مَوجُود، يَا ذا الفضل وَالجود.

رَبِّ أَفِض عليَّ من بحار تجريد أَلِفِ الذَاتَ الأَقدس مَا يقطعُ عني كُلّ علاقةٍ تُعجِمُ إِدراكي، وَتُغلقُ دوني باب مطلبي، وَاسبغ عليَّ من هيولى نقطتها الكلية البارزة من ملكوتِ غيب ذَاتِكَ، مَا أَمدُّ بِهِ حروف الكون، محفوظا من النقص وَالشيْن، يَا مَن وَسع كُلّ شيء رحمةً وَعِلما، يَا رب العالمين.

رَبِّ طَهِّرني ظَاهِرًا وَبَاطِنًا من لوْثِ الأَغيار، وَالوقوف مَعَ الأَطوار، بفِيضٍ من طهورِ قُدْسِكَ، وَغيِّبنِي عنهم بشُهُودِ بوارقِ أُنسِكَ، وَأطلِعْنِي عَلَى حقائقِ الأشيَاء، وَدقائقِ الأَشكالِ، وَأَسمعني نُطقَ الأَكوان بصريحِ توحيدِكَ فِي العوالم كلِّها، وَقابلْ مِرْآتي بِتَجَلٍّ تَامٍّ من جواهرِ أسماء جلالِكَ وَقهرِكَ، حَتَّى لا يقع عليَّ بصرُ جبارٍ من الإِنس وَالجن إِلا انعكس عَلَيهِ من شعاعِ ذلكَ الجوهر مَا يحرقُ نفسَهُ الأَمَّارة بالسوء، وَيردُّه ذليلا، وَيقلبُ عني بصرَه خاسئا كليلا، يَا مَن عنَتْ لَهُ الوجوه وَخضعتَ لَهُ الرقاب، يَا رب الأَرباب.

 رب ازوِ عَني القواطع التي تقطعني عَن حضراتِ قربكَ، وَاسلبني مَا لا يليق من صفاتي بغلبة أَنوار صفاتكَ، وَأَزح ظُلَمَ طبعي وَبشريتي بتجل بارقةٍ من بوارقِ نورِ ذَاتِكَ، وَأمدني بقوى ملكية، أَقهر بِهَا مَا استولى عليَّ من الطبائع الدَّنِيَّة، وَالأَخلاق الرَّدِيَّة، وَامحِ من لوح فكري أَشكالَ الأَكوانِ، وَأَثبت فِيه بيد عنايتكَ سرّ حرز قربكَ السابق المكنون بَينَ الكاف وَالنون، انَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (82) فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (83) [يس: ٨٢ – ٨٣]

  يَا نورَ النور، يَا مفِيضَ الكلِّ من فَيضه المِدرار، يَا قدوسُ، يَا سلامُ، يَا صمدُ، يَا حفِيظُ، يَا لطيفُ، يَا ربَّ العالمين، وَصَلَّى اللهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحبِهِ أَجمَعِينَ، وَالحَمدُ للهِ رَبِّ العَالَمِين.

ورد يوم السبت

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنتُمْ تُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللَّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ ۗ وَمَن يَعْتَصِم بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ  [آل عمران:101].

 الحمدُ لله الَّذِي أَحلَّني حِمى لُطْفِ الله. الحمدُ لله الَّذِي أَنزلني جَنَّةَ رحمةِ الله. الحمد لله الَّذِي أَجلسني فِي مقام محبةِ الله. الحمد لله الَّذِي أَذاقني مِن موائدِ مَدَدِ الله. الحمد لله الَّذِي وَهبني بطاقةَ الإِضافةِ لاصطفاءِ الله. الحمد لله الَّذِي سقاني مِن مواردِ ورودِ وَفاءِ الله. الحمد لله الَّذِي كساني حُلَلَ صِدْقِ العُبُودِيَّة لله. كُلّ ذلكَ عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ الله وَضَيَّعْتُ مِن حقوقِ الله. فذلكَ الفضل من الله. وَمن يغفر الذنوب إِلا الله.

إِلهِي: إنعامُك عليَّ بالإِيجاد من غير جهاد مني وَلا اجتهاد جرَّأَ مطامعي من كرمكَ عليّ ببلوغ المراد من غَيرِ استحقاق لي وَلا استعداد، فَأَسأَلُكَ بواحد الآحاد، وَمشُهُودِ الأَشهاد، سلامةَ منحة الوِداد، من مِحْنَةِ البعاد، وَمحو ظلمة العناد، بنور شمس الرشاد، وَفتح أبواب السداد بأَياد مداد، إِن الله لطيفٌ بالعباد.

 رب أَسأَلُكَ فناءَ إنِّيَةِ وَجُودِي، وَبقاء أَمنية شُهُودِي، وَفراقَ بَينَية شاهدي وَمشُهُودِي، بجمع عينية موجدي بموجودي.

 سيدي: سلِّمْ عُبُودِيَّتي بحقكَ مِنْ عَمَى وَهْمِ رؤية الأَغيار، وَأَلْحِق بِي كلمتكَ السابقة للمُصْطَفين الأَخيار، وَأَغلبْ عَلَى أَمري باختياركَ فِي جميع الأَوطار وَالأَطوار، وَانصرني بالتوحيد وَالاستواء فِي الحركة وَالاستقرار.

 حبيبي: أَسأَلُكَ سريعَ الوصال، وَبديعَ الجمال، وَمنيعَ الجلال، وَرفِيعَ الكمال، فِي كُلّ حالٍ وَمآلَ، يَا مَن هُوَ هُوَ، ويَا هُوَ، ويَا مَن ليس إِلاَّ هُوَ، أَسأَلُكَ بالغيب الأَطلس، بالعين الأَقدس، فِيوَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ، وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ، إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ،   [التكوير:19-17] ، وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ [الشعراء:192]، بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ[الشعراء:195] حَكَمَ مُحكم الأَمر بروحه المُكنون بصيغ التبيين، المتلون بصِبَغ التلوين، في صيَغ التمكين.  أَسأَلُكَ اللهُمَّ حمل ذلكَ لذَاتِي، عَلَى يد نسيم حياتي، بأَروَاح تحياتي، فِي صلواتكَ الطيباتِ، وَتسليماتكَ الدائماتِ، عَلَى وَسيلةِ حصول المَطالِب، وَوسيلة وَصول الحبائب، وَعَلَى كُلّ منسوب إِلَيهِ فِي كل المراتب، إِنك أنت الله الحق المبَين، وَاجعَلنا من خواصهم آمين، آمين، آمين، وَالحَمدُ للهِ رَبِّ العَالَمِين.