تخطى إلى المحتوى

شرح الصلوات والأحزاب

شرح التحصين

(بسم الله الرحمن الرحيم) أي أفتتح مناجاتي بقولي (سبحان) التسبيح تنزيه الحق تعالى عن النقائص، فقوله: سبحان؛ يعني تنزَّه (مَن ألجم) اللجام ما يوضع في فم الدابة ورأسها لقيادتها، ويقال: ألجم الرَجُل يعني قيده ومنعه وكفَّه، ومن بمعنى الذي وهو الله الذي كَفَّ (كلَّ جبارٍ بقدرته) عليه (و أحاط علمُهُ) أي علم الله (بما في برِّهِ وبحرهِ) فلا يخفى عليه ظاهر على سطح الأرض ولا باطن فيها كما تبطُن الكائنات في البحور (و تحصنتُ) يعني احتميتُ (بأسمائه) الحسنى المسلطة على كل شيء (التي أقفالها العظمةُ لله) لا يعرف أي أحد ما حوته الاسماء الإلهية من الأسرار لعظمة المسمى (و مفاتيحها) التي تعطي العبد أسرارها معرفته بأنه (لا حول) أي لا مانع يحول بين العبد وما يريد(ولا قوة) تدفعه إلى حصول المراد (إلا بالله العلى العظيم) لا بنفسه. (اللهم بنور وجهك) الذي لو رفعت الحجب التي بينه وبين الخلق لاحترق وفنى (احفظنى مِن شرار خلقك) فلا يصل إليَّ أخدٌ منهم لأن نورك يحجبني عنهم (واحمني) أي أدخلني في حماك (يا مَن سترُه) الذي يستر به خلقه يوصف بأنه الستر (الجميل). لكون جلال السبحات محرق. (يا واحدًا قَبلَ كل أحد، يا واحدًا بعد كل أحد) والواحد هو منشأ الكثرة (لا تَكِلني إلى أحد) أي لا توكل بي أحد غيرك وكن وكيلي (بحق) قولك في كتابك (قل هو الله أحد) وأقسم على ذلك فأقول (أي والله أحد، أي والله، أي والله، أي والله) وبحق قولك (الله الصمد) وأشهد على ذلك فأقول (أي والله ، أي والله ، أي والله) وبحق قولك في وصفك نفسك (لم يلد) وأقر بذلك فأقول (لا والله ، لا والله ، لا والله) وقولك (ولم يولد) وننفي عنك غير ذلك فنقول (لا و الله ، لا والله ، لا والله) وبحق قولك (ولم يكن له كفوا أحد) ننزهك عن الكفء والشريك فنقول (لا والله ، لا والله ، لا والله). إيمانا منا بأحديتك.(أللهم بحق هذه السورة) وهي سورة الإخلاص (العجيبة) أي المعجزة في بيانها (الشريفة) أي العالية القدر (استرني) أي احجبني وامنعني (من كل شرٍّ ينزل مِن السماء) أي من المضار الطبيعية وأحكام الأسماء الغضبية التي تتنزل عقابا (ومِن كل شرٍّ يخرج مِن الأرض) واحفظني من الشرور الكامنة في بطن الارض كالبراكين والزلازل والدواب والزواحف والعقارب وغير ذلك (و مِن) أي واحفظني من (شر كل ما تلده النساء) من النفوس الشرية (بألف ألف لا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم) فتحول بيني وبين جميع الشرور.

شرح الصلاة الأكبرية

(اللَّهُمَّ) اسم عظيم مِن أسمائه تعالي يختص بالطلب، وقد قيل أن أصله الاسم المفرد (الله) بعد استبدال ياء النداء بميم مشددة في آخره، ولم نر العرب قد استبدلوا الياء بالميم في أسمائه تعالى، ولذا نقول أنه اسم عظيمٌ مستقل وقد قال الشاعر:

أقول يا اللهمَّ يا اللهمَّإني إذا ما حادثٌ آلَمَّ

(صَلِّ) كما ينبغي لجلالك، ونسألك يا ألله آن تصلي على حبيبك امتثالا لأمرك حيث قلتَ في كتابك {إن الله وملائكته يصلّون على النبي يا أيها الذين أمنوا صلوا عليه} وقد فوّضناك سبحانك في الصلاة عليه لعلو قدره صلى الله عليه وسلم، حيث لا علم لنا ولا قدرة لدينا تعطينا أن نصلي عليه بغير ذلك الطلب إذ علِمنا أن صلاتك عليه سرٌّ مِن أسرار فيضك النوري على خليقتك، وأن الجقيقة تعطي أن مَن صلى عليه مرةً صلى الله عليه ووسلم مرةً صلى الله عليه بها عشر، فما أكرمك ربي سبحانك حيث جعلتَ صلة نظرك إلى حبيبك رحمةً بخلقك، إذ هو أعظم مننك في الوجود وعين رحمتك المهداة إلي كل موجود، فجعلت صلاتنا عليه سببا لصلاتك علينا، وجعلت صلاتك علينا عين رحمتك العظمى كما قلت في محكم آياتك {هو الذي يصلي عليكم وملائكته ليخرجكم من الظلمات إلى النور}.

(وَسَلِّمْ عَلَى سَيِّدِنا مُحَمَّدٍ) كما يليق بحضرتك؛ نيابةً عنا؛ فأنت السلام، وهو صلى الله عليه وسلم (أَكْمَلِ مَخْلُوقَاتِكَ) إذ هو آخص مَن استخلفتهم مِن الكُمل (وَسَيِّدِ أَهْلِ أَرْضِكَ وَأَهْلِ سماوتِك) مِن كونه الخليفة الحاكم والنبي الخاتم (النُّورِ الأَعْظَمِ) من حيث أولية إفاضتك النورية التي عنها توالت أمواج الأنوار في بحر الوجود الحق (وَالكَنْزِ) الحاوي لكل جوهر (الْمُطَلْسَم) بسر أوليته فلا يقوى على كشفه آحدٌ إذ الحُكم والعلو في المرتبة للأسبق، فهو مطلسم على كل لاحق، وإنما سُمي الطلسّم طلّسماً لكون حقيقته عبارة عن مقلوب اسمه كما قال الإمام جعفر الصادق رضي الله عنه لتلميذه جابر بن حيّان، فحُكم أولية نوره مسلّط على خزائن كنزيته فلا يحيط بحقيقته لاحق من وجه كونه فيض النور الأصلي (وَالْجَوْهَرِ الْفَرْدَ) من وجه روحيته صلى الله عليه وسلم، فالجوهر الفرد عبارة عن كل جوهر لا يقبل التجزء، وهو اصطلاح فلسفي قديم، ومن القائلين به من أهل السنة والجماعة الإمام النسفي صاحب كتاب العقائد النسفية، وكذا سعد الدين التفتزاني شارح الكتاب. فالشيخ الأكبر رضي الله عنه وأرضاه يسأل الله تعالى أن يصلي ويسلم على سيدنا محمد من حيث أصل نشأته المشار إليها بالنور الأعظم، وأن يصلي على ذاته المشار إليها بالكنز المطلسم، وأن يصلي على روحه المعبر عنها بالجوهر الفرد، وقوله رضي الله عنه (وَالسِّرِّ المُمْتَدِّ) من حيث نبوته التي قال فيها صلى الله عليه وسلم [[كنت نبيا وأدم بين الماء والطين]] فثبتت لنبوته الأولية، كما ثبتت لها الأخرية بقوله تعالى {وخاتم النبيين}. (الَّذِي لَيْسَ لَهُ مَثَلٌ مَنْطُوقٌ) لامتيازه المعلوم بمقام نبوته المختوم، (وَلاَ شَبْهٌ مَخْلُوق) من حيث حسنه الظاهر والباطن، لذا قال صلى الله عليه وسلم [[لست كهيئتكم]].

ولمّا كاننت الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم  مقبولة لا محال وهي مِ أرجى الدعاء قال رضي الله عنه (وَارْضَ عَنْ خَلِيفَتِهِ فِي هَذَا الزَّمَانِ) آي خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذ لا يخلو زمان مِن قائم بالحُجة من الورثة المحمديين (مِنْ جِنْسِ عَالَمِ الإِنْسَانِ) لكون رسول الله صلى الله عليه وسلم قد بُعث للثقلين، والمقصود بمقام الخلافة لا بد آن يكون من جنس الإنسان، ،وهو المخصوص من صفاء خلاصة خاصة الخاصة من آهل زمانه، فهو (الرُّوحِ الْمُتَجَسِّدِ) لغلبة روحانيته على جسمانيته اختصاصاٍ إلهيا وهبةً رحمانية، أما من دون الخلفاء في مرتبة الكمال من آهل الرياضات فأجساد متروحنة لا أرواح متجسدة> والله آعلم.

(وَالْفَرْدِ الْمُتَعَدِّدِ) أي أن فرديته من خصائص رتبة خلافته المعبّر عنها في اصطلاح القوم بمرتبة القطبانية، وقد يتعدد الأقطاب فيكون لكل مقام قطب، وكذا لكل جماعة ولكل بلد قطب، كما كان لكل زمان قطب، ،ذلك القطب (حُجَّةِ الله فِي الأَقْضِيَةِ) لكونه كسائر الناس، بل قد يكون من أقلهم أعمارا وأضعفهم جسماً، فلا تبقى لآهل زمانه حجة في تقصيرهم (وَعُمْدَةِ الله فِي الأَمْضِيَةِ) أي أنه الشخص المعتمد عليه في إنفاذ الأحكام في عالم الصوَر والأجسام فذلك الخليفة رضوان الله عليه (مَحَلِّ نَظَرِ الله مِنْ خَلْقِهِ) فهو إنسان عين العالم في زمانه، وهو أفقر الخلق إلى الله وأضعفهم بين يديه وإن حاز المُلك، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم [[هل تُنصرون وتُرزقون إلا بضعفائكم]] وكتب الحديث مشحونة بالإشارة إلى مقامات العباد الذين يرفع الله بهم البلاء ويُنزل بهم الغيث، ويحفظ بهم البلاد والعباد، وصاحب دهذا المقام الذي هو العبودية المحضة (مُنفِذِ أَحْكَامِهِ) سبحانه وتعالى  (بَيْنَهُمْ) أي بين خلقه سبحانه (بِصِدْقِهِ) فما دام محل نظر الله من خلقه، فهو سبحانه يفرح لفرحه ويغضب لغضبه، وإن استغفر لعبدٍ غفر الله له، وإن دعى بدعادٍ أجابه، فهو رضوان الله عليه (الْمُمِدِّ لِلْعَوَالِمِ بِرُوحَانِيَّتِهِ) لبلوغه درجة المحبوبية العظمى بجمعيته لقرب الفرائض والنوافل الحاصلة بلتمام عبوديته والمنتجة لأثار قوله تعالى في الحديث القدسي كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به (الْمُفِيضِ عَلَيْهِمْ مِنْ نُورِ نُورَانِيَّتِهِ) المفاضة عليه في حضرة القرب ومجالس النجوى وما وراء ذلك من فضائل الوهب فهو رضي الله عنه وهو(مَن  خَلَقَهُ اللهُ عَلَى صُورَتِهِ) كما جاء في الحديث الشريف في حق أول الخلفاء عليه السلام [[ خلقَ الله أدم على صورته]] المشار بها إلى الكمال الإنساني لكونها صورة الأخلاق البارزة عن الاسماء (وَأَشْهَدَهُ أَرْوَاحَ مَلاَئِكَتِهِ) باختصاصه بالفتح الأكبر (وَخَصَّصَهُ فِي هَذَا الزَّمَانِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ أَمَان) كما قيل [[ إن الله ليحفظ بحفظ الرجل الصالح ولده وولد ولده ودويرته التي فيها والدويرات حوله فما يزالون في حفظٍ من الله عز وجل]] فما بالكم بواحد زمانه  (فَهُوَ قُطْبُ دَائِرَةِ الْوُجُودِ) إذ عليه يدور الوجود في زمانه، فلا تقوم الساعة وفي الأرض رجل يقول : الله الله، وهو حامل كتاب الله وتالي كلامه (وَمَحَلُّ السَّمْعِ وَالشُّهُودِ) لصفاء مجلاه القلبي ونورانية مظهره القالبي (فَلاَ تَتَحَرَّكُ ذَرَّةٌ فِي الْكَوْنِ إِلاَّ بِعِلْمِهِ)  فإن العلم بالله إذا تخلل العارف لم تبق فيه ذرة إلا وقد انصبغت بذلك العلم، فلا يبقى له علم من حيث نظره الفكري بل يعلم بالعلم الإلهي المفاض عليه والمنصبغ به {صبغة الله ومن أحسن من الله صبغة} (وَلاَ تَسْكُنُ) ذرة في الكون (إِلاَّ بِحُكْمِهِ) من كونه خليفة الله في الأرض وذلك (لأنه مَظْهَرُ الْحَقِّ، وَمَعْدنُ الصِّدْقِ)

ولمّا كان هذا مقامه قال الداعي رضي الله عنه (اللَّهُمَّ بَلِّغْ سَلاَمِي إِلَيْهِ) لمقامه عندك (وَأَوْقِفْنِي بَيْنَ يَدَيْهِ) لما اختصصته به من مقام خلافتك، (وَأَفِضْ عَلَيَّ مِنْ مَدَدِهِ) فأنت الذي ملكّنته بأن جعلته في الأرض خليفة  وهو الذي أطاعك فيما قلته في محكم كتابك عز من قائل {هو الله فاتخذه وكيلا} (وَاحْرُسْنِي) يا رب (بِعُدَدِهِ) أي بجنوده (وَانْفُخْ فِيَّ مِنْ رُوحِهِ) التي أيدته بها كما أيدت خاصة عبادك بروح القدس (كَيْ أَحْيَا بِرُوْحِه) حياةً خاصة تنمحي عندها المدارك الفانية (وَلأَشْهَدَ حَقِيقَتِي عَلَى التَّفْصِيلِ) مجردة عن الهيكل الجسماني الظلماني (فَأَعْرِفَ بِذَلِكَ الْكَثِيرَ وَالْقَلِيلَ)  مما كنت محجوب عنه قبل ذلك الإمداد (وَأَرَى عَوَالِمِي الْغَيْبِيَّةَ) من حيث الكمال المحقق المخصوص بالخلافة (تَتَجَلَّى بِصُوَرِي الرُّوحَانِيَّةِ) التي هي من لوازم الترقي العرفاني المخصوص بالكمال الإنساني لا بالشخص الجسماني فتلك الصور الروحانية هي التي تتجلى (عَلَى اخْتِلاَفِ الْمَظَاهِرِ) أسألك اللهم أن تشهدني ذلك (لأَجْمَعَ بَيْنَ الأَوَّلِ) الروحاني (وَالآخِرِ) الجسماني (وَالْبَاطِنِ) الرحماني (وَالظَّاهِرِ) الإنساني، (فَأَكُونَ مَعَ اللهِ آلِهٍ) متعلق محب (والِه) متوله متحير (بين صِفَاتِهِ وَأَفْعَالِهْ)  متقلب بين رجاء وخوف  (لَيْسَ لِي مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ مَعْلُومٌ) لجهلي (وَلاَ جُزْءٌ مَقْسُومٌ) لفقري (فَأَعْبُدَهُ فِي جَمِيعِ الأَحْوَالِ، بلا حولٍ ولا قوةٍ مني، بَلْ بِحَوْلِ وَقُوَّةِ ذِي الْجَلاَلِ وَالإِكْرَامِ)

(اللَّهُمَّ يَا جَامِعَ النَّاسِ لِيَوْمٍ لاَ رَيْبَ فِيهِ، اجْمَعْنِي بِهِ) في سلوك الطريق (وَعَلَيْهِ) اجتماعا قلبياً في مقام التصديق (وَفِيهِ) في حضرة اللتحقيق (حَتَّى لاَ أُفَارِقَهُ فِي الدَّارَيْنِ وَلاَ أَنْفَصِلَ عَنْهُ فِي الْحَالَيْنِ) لمقابلة العين للعين (بَلْ أَكُونَ كَأَنِّي إَيَّاهُ، فِي كُلِّ أَمْرٍ تَوَلاَّهُ) في مقام الإحسان (مِنْ طَرِيقِ الاتبَاعِ وَالاِنْتِفَاعِ) الذي هو جوهر الإسلام (لاَ مِنْ طَرِيقِ الْمُمَاثَلَةِ وَالارْتِفَاعِ) المنافية للإيمان.

( وَأَسْأَلُكَ بِأَسْمَائِكَ الْحُسْنَى الْمُسْتَجَابَةِ، أَنْ تُبَلِّغَنِي ذَلِكَ مِنَّةً مُسْتَطَابَةً، وَلاَ تَرُدَّنِي مِنْكَ خَائِب، وَلاَ مِمَّنْ لَكَ نَائِب، فَإِنًكَ الْوَاجِدُ الْكُرِيمُ، وَأَنَا الْعَبْدُ الْعَدِيمُ. وَصَلَّى الله وَسَلَّمَ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ. وَالْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِينَ).

شرح الصلاة الفيضية

الصَّلَاةُ الفَيضِيَّةُ

اللهُمَّ أَفض صلة صَلواتكَ وَسلامة تسليماتكَ عَلَى أَول التعيّناتِ المفاضةِ من العماءِ الرباني، وَآخرِ التنزلاتِ المضافةِ إِلى النوع الإِنساني، المهاجرِ من مكة كان الله وَلم يكن معه شيء ثان، إِلى مدينة وَهُوَ الآن عَلَى مَا عَلَيْهِ كان، محصي عوالم الحضراتِ الخمسِ فِي وُجُودِهِ: «وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُّبِينٍ‏» [يس: ١٢]، وَراحم سائلي استعداداتها بنَداهِ وَجوده: «وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ» [الأنبياء:107]، نقطة البسملةِ الجامعةِ لما يكون وَ كان، وَلفظة الأَمرِ الجوّالةِ بدوائر الأَكوان، سرّ الهوّية التي فِي كُلّ شيء سارية، وَعن كُلّ شيء مجردة وَعارية، أمين الله عَلَى خزائن الفواضل وَمستودعها، وَمقسمها عَلَى حسب القوابل وَموزعها.

 كلمة الاسم الأَعظم، فاتحة الكنز المطلسم، المظهر الأَتم الجامع بَيْنَ العُبُوْدِيَّة وَالربوبية، وَالنشاء الأَعم الشامل للإِمكانية وَالوجوبية، الطوْد الأَشَمّ الَّذِيْ لم يزحزحه التجلي عَنْ مقام التمكين، وَالبحر الخِضَم الَّذِيْ لم تعكره جِيَف الغفلاتَ عَنْ صفاء اليقين، القلم النوراني الجاري بمِداد الحروف العاليات، وَالنفَس الرحماني الساري بمواد الكلماتِ التامَّاتِ، الفَيض الأَقدس الذَاتِي الَّذِيْ تَعَيَّنَتَ بِهِ الأَعيان وَاستعداداتها، وَالفَيض المُقَدَّس الصِّفَاتِيِّ الَّذِيْ تكونتَ بِهِ الأَكوان وَاستمداداتها، مطلع شمس الذَّاتِ فِي سماء الأَسماء وَالصفاتِ، وَمنبع نور الإِفاضاتِ فِي رياض النِّسب وَالإِضافاتِ، خط الوحدة بَيْنَ قوسيْ الأَحَدِيَّة وَالواحَدِيَّة، وَواسطة التنزل الإِلهي من سماء الأَزلية إِلى أَرض الأَبدية، النسخة الصغرى التي تَفَرَّعَتَ عنها الكبرى، وَالدرَّة البيضاء التي تنزلتَ إِلى الياقوتة الحمراء، جوهر الحوادث الإِمكانية التي لَا تخلو عَنْ الحركة وَالسكون، وَمادة الكلمة الفهوانية الطالعة من كِنِّ «كُن» إِلى شهادة «فَيكون»، هيولى الصوَر التي لاَ تتجلى بإِحداها مرةً لاثنين، وَلا بصورة منها لأَحدٍ مرتين، قرآن الجمع الشامل للممتنع وَالعديم، وَفرقان الفرق الفاصل بَيْنَ الحادث وَالقديم، صائم نهار إِني أَبيتَ عِنْدَ ربي، وَقائم ليل تنام عيناي وَلا ينام قلبي، وَاسطة مَا بَيْنَ الوُجُوْد وَالعدم: «مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ» [الرحمن:19]، وَرابطة تعلق الحدوث بالقدم: «بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَّا يَبْغِيَانِ» [الرحمن:20]، فَذْلَكَة دفتر الأَول وَالآخر، وَمركز إِحاطة الباطن وَالظاهر، حبيبكَ الَّذِيْ استجليتَ بِهِ جمال ذَاتِكَ عَلَى منصة تجلياتكَ، وَنصبته قبلة لتوجهاتكَ فِي جامع تجلياتكَ، وَخلعتَ عَلَيْهِ خِلعة الصفاتَ وَالأَسما، وَتوجته بتاج الخلافة العظمى، وَأَسريتَ بجسده يقظة من المسجد الحرام إِلى المسجد الأَقصى، حَتَّى انتهى إِلى سدرة المنتهى، وَترقى إِلى قابِ قوسين أَو أَدنى، فُسُرَّ فؤادُه بشُهُوْدِكَ حيث لا صباح وَلا مسا: «مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَىٰ»[النجم:11]، وَقَرّ بصرُه بوجودكَ حيث لا خلا وَلا ملا: «مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَىٰ»[النجم:17].

 صَلِّ اللَّهُمَّ عَلَيْهِ صَلاةً يصل بِهَا فرعي إِلى أَصلي وَبعضي إِلى كلي لتتحد ذَاتِي بذَاتِه وَصفاتي بصفاته وَتقر العين بالعين وَيَفِرّ البَيْنُ من البَيْنِ، وَسَلّم سَلامًا أَسلم بِهِ فِي متابعته من التخلف وَفِي طريق شريعته من التعسّف لأَفتح باب محبتكَ إِياي بمفتاح متابعته، وَأَشهدكَ فِي حواسي وَأَعضائي من مشكاة شرعه وَطاعته، وَأَدخل وَراءه حصن لا إِلَهَ إِلا الله وَفِي أَثره خلوة لي وَقتٌ مَعَ الله، إِذ هُوَ بابكَ الَّذِيْ من لم يقصدكَ منه سُدَّتَ عَلَيْهِ الطرق وَالأَبواب، وَرُدّ بعصاة الأَدب إِلى اصطبل الدواب.

اللهُمَّ يَا رَبّ يَا مَنْ ليس حجابه إِلا النور، وَلاَ خفاؤه إِلَّا شدة الظهور، أَسْأَلُكَ بِكَ فِي مرتبة إِطلاقكَ عَنْ كُلّ تقييد، التي تفعل فِيها مَا تشاء وَتريد، وَبكشفكَ عَنْ ذَاتِكَ بالعلم النوري، وَتحولكَ فِي صور أَسمائكَ وَصفاتكَ بالوجود الصوري، أَن تصلي عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ صلاة تكحل بِهَا بصيرتي بالنور المرشوش فِي الأَزل، لأَشهد فناء مَا لم يكن وَبقاء مَا لم يزل، وَأَرى الأَشياء كما هي فِي أَصلها معدومة مفقودة وَكونها لم تشم رائحة الوُجُوْد فضلا عَنْ كونها موجودة.

 وَأَخرجني اللَّهُمَّ بالصلاة عَلَيْهِ من ظلمة أَنَانيتي إِلى النور وَمن قبر جسمانيتي إِلى جمع الحشر وَفرق النشور، وَأَفِض عليّ من سماء توحيدكَ إِيّاكَ مَا تطهّرني بِهِ من رجس الشِرْك وَالإِشْرَاك، وَأَنعشني بالموتة الأَولى وَالولادة الثانية، وَأَحيني بالحياة الباقية فِي هذه الدنيا الفانية، وَاِجْعَلْ لي نورًا أَمشي بِهِ فِي الناس فأَرى بِهِ وَجهكَ أَينما توليتَ بدون اشتباه وَلاَ التباس، ناظرًا بعيني الجمع وَالفرق، فاصلا بَيْنَ الباطل وَالحق، دالًّا بِكَ عَلَيْكَ وَهاديًا بإِذنكَ إِلَيْكَ،.

يَا أَرحم الراحمين، يَا أَرحم الراحمين، يَا أَرحم الراحمين، وَصلّ وَسَلّم عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ صلاة تتقبل بِهَا دعائي وَتحقق بِهَا رجائي، وَعَلَى آلِهِ آل الشُهُوْدِ وَالعرفان، وَأَصحابه أَصحاب الذوق وَالوجدان، مَا انتشرتْ طرّةُ ليل الكيان، وَأَسفرت غرّةُ جبَيْنِ العيان، آمين آمين آمين، وَسَلاَمٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ وَالْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِين.


شَرح الصَّلاةِ الفيضيَّة

(اللَّهُمَّ) اسمٌ عظيمٌ مِن أسمائه القديمةِ سبحانه وتعالى، وَرَد في القرآنِ الكريمِ  خمسَ مراتٍ، ومن أخصّ خصائصِه أنّه دعاءُ أهلِ الجنّةِ كما قال تعالى: «دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ ۚ وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ»[يونس: ١٠].

(أَفض) أي نسألك إفاضةً (صلة صَلواتكَ) إذ الصلاةُ عمادُ الدينِ من جِهةِ العبد، وهي من جِهةِ الربِّ تعالى عبارةٌ عن منّةِ وَصلِه لعبدِه، فقولُه رضي اللهُ عنه أفض صلةُ صلواتِك، دعاءٌ بحصولِ نتيجةِ صلاتِه سبحانه وتعالى وهي الوصلُ الدائمُ. وقولُه رضي اللهُ عنه (وَسلامة تسليماتكَ) أي أفض يا الله سلامةَ تسليماتِك، إذ المقصودُ مِن السلامِ حصولُ السلامةِ، لذا قال صلى اللهُ عليه وسلّم «افشوا السلامَ بينكم»، وعلى الإجمالِ فقد بدأ الشيخُ الأكبرُ صلاتَه على رسولِ اللهِ بغيرِ الطلبِ المشهورِ وهو قولُ المُصلّي: اللهمّ صلِّ وسلِّم، لمناسبةٍ عجيبةٍ تتعلقُ بالحضرَةِ القديمةِ، وهي الحضرَةُ التي كانت ولم تزل كما سيتضحُ لنا لاحقًا، فكان سؤالُه رضي اللهُ عنه من اللهِ بإفاضةِ صلةِ صلواتِه وسلامةِ تسليماتِه (عَلَى أَوّلِ التعيّناتَ) فوصف حقيقَتَه صلى اللهُ عليه وسلّم من كونها أوّلَ ما تعيّن مِن الحقائقِ النوريةِ (المفاضةِ من العماءِ الرباني)، والعماءُ لغةً: السحابةُ الكثيفةُ، وقد أجاب رسولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلّم عن سؤال: أين كان اللهُ قبل أن يخلِقَ الخَلق؟ فقال (كان اللهُ في عماءٍ ما فوقه هواءٌ وما تحته هواء) أي ليس تحت ذلك العماءِ هواءٌ يحملُه، وليس فوقه هواءٌ يسيّرُه حتى لا يتبادرَ إلى ذهنِ السائلِ المعنى الحادثِ للسحابةِ فيحصلَ عنده التباسٌ يوهِمُ بالتمكّنِ أو الحلول، فعَلِمنا من ذلك أنّ أصلَ الوجودِ الحادثِ عبارةٌ عن عَماءٍ لم يُتصوّرْ بعد، وهو قولُه تعالى: «وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ» [هود: ٧]، وعن ذلك العماءِ برزت الأكوانُ، لطيفُها وكثيفُها، أنوارًا وظلالًا، وأرواحًا وأجسامًا، بسرِّ الجعلِ المشارِ إليه في الكتابِ العزيزِ بقولِه تعالى «وجعلنا مِن الماءِ كلَّ شيءٍ حي» فهو صلى اللهُ عليه وسلّم أوّلُ متعيّنٍ من فيضِ ذلك البحرِ القديمِ (وَآخرِ التنزلاتَ) الإلهية الأمرية (المضافةِ إِلى النوعِ الإِنساني) وأخريةُ التنزّلِ المشارِ إليه آخريةٌ مرتبيةٌ كماليةٌ لا زمانية، إذ هي عينُ ختميّتِه صلى اللهُ عليه وسلّم للنبوّةِ المنزّلةِ، ولذا نعت الشيخُ الأكبرُ رضي اللهُ عنه  في تلك الحضرَةِ الغيبيةِ بما ضاهاها في عالَمِ الشهادةِ فسمّاه صلى اللهُ عليه وسلّم (المهاجرُ من مكةَ كان اللهُ وَلم يكن معه شيءٌ ثانٍ) إذ أنّ مكةَ التي نعلَمُها أمُّ القرى، كذلك فالحضرَةُ المشارُ إليها أمُّ الحضراتِ، فلما كنى عنها بمكةَ أضافها إلى أوضحِ ما تُوصفُ به حضرَةُ العِلمِ القديمِ مِمّا وَرَد في كلامِ النبوّةِ مِمّا رُوِي بلفظِ «كان اللهُ ولم يكن معه شيء» ولمّا كانت هجرتُه صلى اللهُ عليه وسلّم بعد بعثتِه إلى المدينةِ المنورّةِ، أشار الشيخُ الأكبرُ إلى كون تلك الهجرة عبارةً عن صورَةِ بروزِ حقيقتِه مِن الحضرَةِ العلميةِ؛ المُعبّرِ عنها في غيرِ ذلك الموضعِ بالطمسِ؛ وانتقالها إلى حيث أوّل مظاهرِ التعيّنِ والشهودِ فكانت الهجرةُ (إِلى مدينةٍ وَهُوَ الآن عَلَى مَا عَلَيْهِ كان) وذلكم حقيقةُ الشهود، فهو سبحانه وتعالى هو هو غنيٌ عن العالمين فلا يغيّره قبلٌ ولا بَعْد، وذلك الشهودُ من فيضِ نورِ رسولِ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلّم إذ هو (محصي عوالم الحضراتِ الخمسِ فِي وجودِه) يعني حضرَةَ الغيبِ المُطلَقِ، وعوالمُها المقصودةُ بالإحصاءِ عبارةٌ عن أسمائه تعالى، ما عَلِمنا منها وما لم نعلم، فتلك هي الحضرَةُ العليا، ويقابلُها حضرةُ الشهادةِ، وعالَمُها عبارةٌ عن الصوَرِ الحسيّةِ، وتُسمّى أيضًا عالمُ المُلك، فتلك حضرتان بينهما حضرةٌ ثالثةٌ جامعةٌ، وفيها تتنزّلُ الأسماءُ الإلهيةُ على صوَرِ الحقائقِ الكونيّةِ المعقولةِ لا المحسوسة، وتلك الحضرَةُ هي حضرَةُ الكمالِ الإنساني المُستحقِّ للخلافةِ، وإن شئتَ فسمّها حضرة الإنسانِ الكامل، ويكونُ بين تلك الحضرَةِ وحضرَةِ الغيبِ المُطلَقِ حضرَةٌ رابعةٌ تُسمّى حضرَةُ الغيبِ المقيَّدِ، وعالَمُها عبارةٌ عن الأرواحِ الملكيّةِ والصوَرِ النوريّة، ثُمّ الحضرَةُ الخامسةُ، وهي التي بين حضرَةِ الكمالِ الإنساني وحضرَةِ الشهادةِ، وتُسمّى حضرَةُ المُثلِ والمعاني وذلك عالَمُها. فتلك هي الحضراتُ الخمسُ، وهو صلى اللهُ عليه وسلّم مِن حيث جمعيّتِه مُحصيها في وجودِه وهو قولُه تعالى: «وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُّبِينٍ‏» [يس: ١٢] ، فهو صلى اللهُ عليه وسلّم الإمامُ المبينُ (وَراحمِ سائلي استعداداتها) من حيث أنّ لكلِّ كائنٍ في كلِّ حضرَةٍ استعدادًا وسؤالَ حالٍ يطلبُ به خروجَه مِن ظُلمةِ العدمِ إلى نورِ الوجود، كما تطلبُ حقيقةُ المؤمنِ الخروجَ من ظُلمةِ الجهلِ إلى نورِ العلم، وكذا حقيقةُ طالبِ النجاةِ تطلبُ الخروجَ من ظُلمةِ الغفلةِ إلى نورِ اليقظة، وهو صلى اللهُ عليه وسلّم راحمُ كلّ صاحبِ استعداد، ومجيبُ كلّ سائلِ (بنَداهِ وَجودِه) وهو قولُه تعالي: «وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ» [الأنبياء: ١٠٧]، وهو صلى اللهُ عليه وسلّم (نقطةِ البسملةِ) أي سرُّ البسملةِ المشار إليها في قولِ العارفِ: بسم اللهِ مِن العبدِ بمنزلةِ كُنْ مِن الرّبِّ. وليس المقصودُ في هذا الموضعِ نقطةَ باءِ (بسم) كما ذَكر بعضُ مَن تعرّض لتفسيرِ هذه الصلاةِ؛ إذ لم ينصّ عليها الشيخُ؛ فنقطةُ الباءِ تحتيّةٌ، أمّا نقطةُ البسملةِ فساريةٌ فيها سريانَ نقطةِ المِدادِ في الكلمةِ، ولذا وصف الشيخُ الأكبرُ النقطةَ المشارَ إليها بقولِه (الجامعةِ لما يكون وَكان) في عالَمِ الأكوانِ (وَلفظةِ الأَمرِ) أي أنّه أصلُ قولِه تعالى (كُن)، مِن وجهِ كونه أوّلَ موجودٍ نوري، فهو صلى اللهُ عليه وسلّم لفظةُ الأمرِ كُن (الجوّالةِ بدوائر الأَكوان) و(سرِّ الهوّية) أي سرُّ الحقيقةِ المُميِّزةِ (التي فِي كُلّ شيء سارية) وبها يتميزُ الشيءُ عن الشيءِ (وَعن كُلّ شيءٍ مجرّدةٌ وعارية) ولولا تجرّدُها لمَا تميّزَ شيءٌ عن شيءٍ (أَمينِ الله عَلَى خزائنِ الفواضلِ وَمستودعها) الفواضلُ: جمعُ فاضلةٍ وهي الزيادات، قال تعالى:

«لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ» [إبراهيم: ٧]، (وَمقسمها عَلَى حَسَبِ القوابلِ وَموزّعها) قال صلى اللهُ عليه وسلّم «إنّما أنا قاسمٌ والله معطٍ» فهو صلى اللهُ عليه وسلّم يوزعُ تلك العطايا ويقسّمها على حَسَبِ سِعةِ القابلِ برحمتِه وعِلمِه، وهذا من أسرارِه صلى اللهُ عليه وسلّم، ومنها كونه (كلمة الاسمِ الأَعظمِ) والاسمُ الأعظمُ هو اسمُ الذاتِ الذي لا يكون لغيرِ الذاتِ، وهو صلى اللهُ عليه وسلّم كلمةُ الاسمِ الأعظمِ من وجهِ صدورِه في الحضرَةِ المشارِ إليها عن فيضِ الذات، فهو من هذا الوجهِ تلك الكلمةُ كما قال تعالى في نبيّه عيسى عليه السلامُ: «إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَىٰ مَرْيَمَ» [النساء: ١٧١]، ونسبةُ الكلمةِ إلى الاسمِ الأعظمِ في حضرَةِ الغيبِ المُطلقِ أعطتها أن تكونَ (فاتحة الكنزِ المُطلسَمِ) المشار إليه في الحديثِ القُدسي بقولِ الحقِّ تعالى عن نفسِه «كنتُ كنزًا لا أُعرف» فهو صلى اللهُ عليه وسلّم أوّلُ ما ظهر من جواهرِ الكنزِ، وهو الجوهرُ الأكملُ، وهو (المظهرُ الأَتمُ الجامعُ بَيْنَ العُبوديَّة وَالربوبيّة) أي الخليفةُ الأتمُّ الجامعُ بكمالِه مظاهر العبوديّةِ والقائمُ بأعباءِ الخلافةِ لإعلاءِ أحكامِ الربوبيةِ (وَالنشاء الأَعم الشامل للإِمكانية وَالوجوبية) فشمولُه للإمكانيةِ مشارٌ إليه بقولِه تعالى: «قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ» [الكهف: ١١٠] ، وشمولُه للوجوبيةِ بما أوجبه تعالى على نفسِه في مثلِ قولِه:«كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ» [الأنعام: ٥٤] ، وقوله تعالى:«وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ» [الأنبياء: ١٠٧]، وهو صلى اللهُ عليه وسلم (الطوْد الأَشَمّ) أي الجبلُ الأرفعُ الأعلى (الَّذِيْ لم يزحزحه التجلي عَنْ مقام التمكين) فحاشاه ذلك وإن دكت الجبال وتصدعت الرجال (وَالبحر الخِضَم) المحيط (الَّذِيْ لم تعكره جِيَف الغفلاتَ) أي صورُ ذنوبِ الغافلين الظالمين لأنفسِهم«وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُوا أَنفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَّحِيمًا» [النساء: ٦٤]، ولا كلُّ ذنوبِ المذنبين تُخرجُه صلى اللهُ عليه وسلّم (عَنْ صفاءِ اليقين) فهو صلى اللهُ عليه وسلّم كان ولا زال (القلم النوراني) إشارة إلى قولِه صلى اللهُ عليه وسلّم [[أوّلُ ما خَلق اللهُ خَلقَ القلمَ ثم قال له اكتب]] فهو من وجهِ أوّليِةِ نورِه ذلك القلم (الجاري بمِداد الحروفِ العالياتِ) أي الأعيانِ الثابتةِ التي هو أوّلُها مرتبةٍ، وقد قال الشيخُ الأكبرُ في هذا المعنى شعرًا:

كنّا حروفًا عالياتٍ لم تزل

متعلقاتٍ في ذُرى أعلى القلل

(وَالنَفَس الرحماني) الذي نفَّس اللهُ به عن تلك الأعيانِ فأخرجها من ظُلمةِ العدمِ إلى نورِ الوجود، وقد جاء في الحديثِ القُدُسي «لولاك ما خلقتُ الأفلاك» فهذا معنى كونه النَفَس الرحماني (الساري بموادِ الكلماتِ التاماتِ) إذ الكلماتُ مظاهرُ الأنفاسِ. قال تعالى: «فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِّثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنطِقُونَ» [الذاريات: ٢٣] ، ووَصْفُ الكلماتِ بالتاماتِ إشارةٌ إلى سريانِ سرِّه صلى اللهُ عليه وسلّم في كلِّ رسولٍ ونبيٍّ ووليٍّ كاملٍ، إذ الكُمّلُ مِن عبادِ اللهِ هم كلماتُه التاماتُ وهو صلى اللهُ عليه وسلّم (الفَيضُ الأَقدسُ الذّاتي الذي تعيّنت بِهِ الأعيانُ واستعداداتُها) الفيضُ عبارةٌ عن الكثرةِ، ومِن المعلومِ أنّ أخصَّ صفاتِ الذّاتِ صفةُ الذّاتِ الأحديّةِ، ولذا نعتَ الشيخُ رضي اللهُ تعالى عنه فيضَ الذّاتِ بالأقدسِ، إذ أنّ إطلاقَ لفظِ الوحدةِ في حقِّ الحقِّ تعالى إنّما هو للتفخيمِ والتعظيمِ لا للتفهيم، فليست وحدتُه ووحدةُ وجودِه كالوحدةِ التي تتصوّرها الأذهانُ بسلبِ ضدِّها عنها؛ أي أنّها وحدةٌ لا ضدُّها الكثرةُ؛ إذ لا ضد له سبحانه ولا ند، فإن سأل سائلٌ عن الكثرةِ المُفاضةِ من حيث الذات قلنا له فيضُ الصفتين وما يلزمُ فيضُه عنهما، فالصفتان عبارةٌ عن الحياةِ والعِلمِ، واللازمان هما الإرادةُ والقُدرةُ، فذلكم الفيضُ الذاتيُّ الأقدسُ عبارةٌ عن حقيقةِ الحقائقِ، وهي منبعُ إفاضاتِ جميعِ الحقائقِ الكونيةِ، أي منبعُ كثرتِها، ولذا سمّوها الحقَّ المخلوقَ به، وهي معلومٌ معقولٌ من حيث رتبة أوّليّتِه في حضرَةِ العِلمِ القديم، يعني أنّ تلك الحقيقةَ عبارةٌ عن التعيّنِ الأوّلِ الذي هو أصلُ جميعِ التعيّناتِ، وإن شئتَ قلتَ أحديّةُ جمعِ التعيّناتِ ومنشأُ استعداداتِها للتعيّنِ، أمّا تعيّنُ تلك الأعيانِ المشارِ إليها فلا يوصَفُ بالوجودِ ولا بالعدمِ، إنّما هي عبارةٌ عن أعيانِ معلوماتِه تعالى الثابتةِ في عِلمِه القديمِ، واستعداداتُها عبارةٌ عن أهليّتِها لقبولِ الأمرِ الإيجادي حالَ صدورِه مِن حضرَةِ المُريدِ القائلِ المعبّرِ عنه بقولِه تعالى:« إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَن يَقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ» [يس: ٨٢].

وفي الجملةِ فإنّه لا بُدّ مِن استعدادٍ ذاتي مودَعٍ في تلك العينِ التي هي عينُ الأعيانِ وأصلُ التعيّناتِ، بحيث تقبلُ بذلك الاستعدادِ الذاتي الأمرَ الإلهي، ولذا سمّى الشيخُ الأكبرُ ذلك الفيضَ الأصليَّ بقولِه (الفيضُ الأقدسُ الذاتي).

ولمّا كان الحبُّ هو ذاتُ الصدورِ الأوّلِ لقولِه تعالى في الحديثِ القُدُسي «فأحببتُ أن أُعرف» عَلِمنا أنّ حقيقةَ الحبيبِ صلى اللهُ عليه وسلّم هي الأقربُ والأبرزُ في تلك الحضرةِ الأقدسيةِ القديمةِ فكانت تلك الحقيقةُ عبارةً عن ذلك الفيض.

ولمّا كان فيضُه تعالى دائمًا أزليًا أبديًا فاض عن فيضِ الذّاتِ فيضٌ مقدسٌ بتقديسِها هو عينُ فيضِ صفاتِها اللازمةِ لبروزِ الكثرةِ التي هي عينُ الإيجادِ ومصدرُ الموجودات.

ولمّا كانت الوحدةُ عبارةً عن مَحتِدِ الوجوب، كانت الكثرةُ مَحتِدًا؛ أي أصلَ؛ الإمكانِ، وما تلك الكثرةُ المُفاضةُ إلّا أحكامُ أسماءِ صفاتِه تعالى، فإن قال قائلٌ ولِمَ يصفُ الشيخُ حقيقتَه صلى اللهُ عليه وسلّم بأنّها فيضُ أحكامِ صفاتِه؟ قلنا له لكون الفيض عبارةً عن آثارِ أحكامِ تمازُجِ الصفاتِ، وتعالى اللهُ على أن تؤثرَ صفاتُه فيه، أو في بعضِها البعض، فكان الأثرُ عبارةً عن نسبةٍ بين المؤثِّرِ والمؤثَّرِ فيه، ولما كان المؤثِّرُ الحقُّ تعالى من حيث وحدتُه، والمؤثَّرُ فيه عبارةً عن حضرّةِ الإمكانِ المرادةِ له تعالى كانت حقيقتُه صلى اللهُ عليه وسلّم عبارةً عن ذلك الأثرِ، ولذا أمَرَنا تعالى باتّباعِه صلى اللهُ عليه وسلّم إن كنّا نحبُّه تعالى لكونه صلى اللهُ عليه وسلّم أثرَه تعالى، وهو في تلك الحضرَةِ السببُ الأوّلُ في تكوّنِ الأكوانِ ولولا سريانُ ذلك السرِّ فيها لمَا قبلت الإمداداتِ الإلهيةَ والكونيةَ، فذلك قولُ الشيخِ الأكبرِ (والفيضُ المقدّسُ الصفاتي الذي تكوّنت به الأكوانُ واستمداداتُها). ومن حيث ذلك المقام فإنّه صلى اللهُ عليه وسلّم (مَطلَعُ شمسِ الذّاتِ فِي سماءِ الأسماءِ والصفاتِ) ولفظ مَطلَعِ قد يأتي بمعنى اسمِ الزمانِ كقولِه تعالى: «مَطْلَعِ الْفَجْرِ» [القدر: ٥]، وقد يأتي بمعنى اسمِ المكانِ كقولِه تعالى:« حَتَّىٰ إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ» [الكهف: ٨٦]، ولمّا كانت الشمسُ مظهرَ النورِ كان قولُ الشيخِ الأكبرِ: مَطلَعُ شمسِ الذّاتِ عبارةً عن كونِ حقيقةِ الحقائقِ التي هي عبارةٌ عن أحديّةِ جمعِ معلوماتِ العِلمِ القديمِ، ومجملُ أحكامِ الوجوبِ والإمكانِ عبارةٌ عن مجلَى الأحديّةِ في سماءِ الكثرةِ الأسمائيةِ والصفاتية، ولذا كان لمظهرِ تلك الحقيقةِ سيّدِنا محمدٍ بن عبد اللهِ صلواتُ اللهِ عليه وعلى آلِه وأصحابِه، ومَن تبِعَه إلى يومِ الدينِ، مقامُ خَتمِ النبوّةِ والرسالةِ، الذي هو أعلى مقاماتِ الخلافةِ، إذ الخلافةُ عبارةٌ عن الجمعِ بين حقيقةِ الوحدةِ التي هي؛ كما أشرنا؛ مَحتِد أحكامِ الوجوبِ، وحقيقةُ الكثرةِ التي هي مَحتِد أحكامِ الإمكان. (ومنبع نورِ الإِفاضاتِ) الإلهيةِ من حضرَةِ الوحدةِ الأصليةِ (فِي رياض) جنّاتِ (النِسبِ وَالإِضافاتِ) أي حضرَةِ الكثرةِ. وهو من ذلك الوجهِ (خطُ الوحدةِ) المائزِ (بَيْنَ قَوسَيْ الأُحَدِيَّةِ) الذاتيةِ (والواحدِيَّةِ) الأسمائيةِ (وواسطةِ التنزّلِ الإِلهي) المنزّهِ عن الحلولِ في مراتبِ تنزّلِه (مِن سماءِ الأزليّةِ) أي القِدمِ (إِلى أرضِ الأبديةِ) أي الحدوثِ، فكان خَلقُه صلى اللهُ عليه وسلّم بالقصدِ الأوّلِ تنزيهًا للهِ تعالى عن مسامتة الأكوانِ في تنزّلِه، وكانت حقيقتُه صلى اللهُ عليه وسلّم (النسخةَ الصغرى) الإنسانيةَ العِلميةَ الكماليةَ (التي تفرّعت عنها الكبرى) أي العالمَ، وهو صلى اللهُ عليه وسلّم (والدرّةُ البيضاءُ) أي حقيقةُ الحقائقِ (التي تنزّلت إِلى الياقوتةِ الحمراء) أي النفسِ الكليّةِ التي هي نفسُ العالَمِ وهو صلى اللهُ عليه وسلّم (جوهرُ الحوادثِ الإِمكانيةِ التي لا تخلو عن الحركةِ والسكونِ) مِن كونه الأصلَ والمنشأَ (ومادةَ الكلمةِ الفهوانيةِ) أي المادةَ الأولى لكلمةِ الحضرَةِ (الطالعةِ مِن كِنِّ) أي مِن غيبِ (كُن إلى شهادةِ فيكون) وهو مِن حيث رتبةُ أوّليّتِه (هيولي الصوَر) أي أصلُها ومادتُها (التي لا تتجلّى بإِحداها مرةً لاثنين، ولا بصورةٍ منها لأحدٍ مرتين) وذلك للسعةِ الإلهيةِ، وقد كان صلى اللهُ عليه وسلمّ خُلُقه القرآنَ، بل كان كما قيل قرآنًا يمشي على الأرضِ، ولذا قال الشيخُ الأكبرُ رضي اللهُ عنه في وصفِه (قرآنُ الجمعِ الشاملِ) من حيث أوّليّتِه  المذكورةِ آنفًا (للممتنعِ) وجوده شرعًا وعقلًا وهو المحالُ (والعديمُ) أي الممكنُ لكونه في تلك الحضرَةِ لم يشمْ رائحةَ الوجود، وجمعيّتُه صلى اللهُ عليه وسلّم للمحالِ والممكنِ جمعيّةٌ قرآنيةٌ كما أن في القرآنِ كلامَ الكُفارِ والمشركين، وكلامَ الأنبياءِ والمرسلين، والكلُّ كلامُ اللهِ الذي أمَرَنا أن نتعبّدَه تعالى به، فهذا وجهُ كونِه صلى اللهُ عليه وسلّم قرآنًا  (وفرقانَ الفرقِ الفاصلِ) المميّزِ (بَيْنَ الحادثِ) وهو الخَلقُ (والقديمُ) وهو الحقُّ تعالى، وهذا الوجهُ الفرقانيُّ من كونِه نبيًا ورسولًا مُشرعًا ومفصّلًا لأحكامِه تعالى، وهو صلى اللهُ عليه وسلّم (صائمُ نهارِ «إِني أَبيتُ عِنْدَ ربي») ولذا وَصَل صيامَ اليومين ونهى المسلمين عن ذلك شفقةً بهم (وقائمُ ليلِ «تنامُ عيناي ولا ينامُ قلبي») إشارة إلى مقامِ حضورِه الدائمِ في حضرَةِ الحقِّ تعالى (واسطةُ ما بَيْنَ الوُجُوْدِ) الحقِّ تعالى (والعدم) يعني العالَم مِن حيث افتقاره إلى مرجحٍ «مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ» [الرحمن: ١٩]، (ورابطةُ تعلّقِ الحدوثِ بالقِدمِ) «بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَّا يَبْغِيَانِ»  [الرحمن: ٢٠]، إذ لولا برزخيّتُه صلى اللهُ عليه وسلّم لفنى الحادثُ المتعلّقُ بالقديمِ في القديم .

(فَذْلَكَة) أي خلاصةُ (دفتر الأوّلِ والآخِر) والكلامُ في أوّليّتِه وأخريّتِه صلى اللهُ عليه وسلّم يحتاجُ إلى ديوان، وقد سبقت الإشارةُ إلى أوّليّتِه بقولِه صلى اللهُ عليه وسلّم  «كنتُ نبيًا وآدمُ بين الماءِ والطين» أو ما قال صلى اللهُ عليه وسلّم مِمّا هذا معناه، أمّا أخريّتُه فختمُه النبوّةُ كما نصّ القرآنُ الكريمُ، ومَن تتبّع تلك الخلاصةَ انجلى له من ورائها أسرارًا في اسمِه تعالى الأوّل والآخِر، فهو صلى اللهُ عليه وسلّم المتحلّي بالأسماءِ والصفاتِ (ومركز إِحاطةِ الباطنِ والظاهرِ) أي نقطة مركزِ تلك الحقائقِ الأسمائيةِ (حبيبُكَ الذي استجليتَ بهِ جمالَ ذَاتِكَ على منصّةِ تجلياتِكَ) إشارةٌ إلى صفاءِ مرآتيّتِه صلى اللهُ عليه وسلّم وكونه محلَ نظرِ الحقِّ تعالى (ونصّبتَه قِبلةً لتوجهاتِكَ في جامعِ تجلياتِكَ) وهو قولُه تعالى:  «إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ» [الأحزاب: ٥٦]، (وخلعتَ عليْهِ خِلعةَ الصفاتِ والأسماء) كما سبقت الإشارةُ (وتوّجتَه بتاجِ الخلافةِ العظمى) فانشقّ بإشارتِه القمر وتفجّر الماءُ من الحجر، وغير ذلك مِمّا هو معلومٌ لكلِّ مُسلمٍ ولا التفات ولا شرح للمُنكرين، فمقامُه صلى اللهُ عليه وسلّم بعد بعثَتِه معلوم وكلُّ ما يلي مِن الصفاتِ مفهوم، فنقفُ عند هذا الموضعِ عن الشرحِ ونسألك اللهمَّ أن تصلّي على سيّدِنا محمدٍ الذي أرسلتَه رحمةً للعالمين (وأَسريتَ بجسدِه يقظةً مِن المسجدِ الحرامِ إِلى المسجدِ الأَقصى، حتّى انتهى إِلى سِدرةِ المُنتهى، وترقّى إِلى قابِ قوسين أو أدنى، فُسُرَّ فؤادُه بشُهودِكَ حيث لا صباح ولا مسا : «مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَىٰ»[النجم: ١١]، وقَرّ بصرُه بوجودِكَ حيث لا خلا وَلاَ ملا : «مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَىٰ» [النجم: ١٧] ، صَلِّ اللَّهُمَّ عليهِ صَلاةً يصلُ بها فرعي إِلى أصلي وبعضي إِلى كلّي لتتحدَ ذاتي بذاتِه وصفاتي بصفاتِه وتَقرّ العينُ بالعينِ ويفرَ البَيْنُ مِن البَيْنِ، وسَلّم سلامًا أَسلم بِهِ في متابعتِه مِن التخلّفِ وفي طريقِ شريعَتِه مِن التعسّفِ لأفتحَ بابَ محبّتِكَ إِياي بمفتاحِ متابعَتِه، وأَشهدكَ في حواسي وأعضائي مِن مِشكاةِ شرعِه وطاعتِه، وأدخل وراءه حِصنَ لا إِله إلا الله وفي أثرِه خلوةَ (لي وقتٌ معَ الله). إِذ هو بابُكَ الَذي مَن لم يقصدْكَ منه سُدَّتَ عليهِ الطرقُ والأبواب، ورُدّ بعصاةِ الأدبِ إِلى اصطبلِ الدواب.

اللَّهُمَّ يا رَبّ يا مَنْ ليس حِجَابُهُ إِلّا النور، ولا خَفَاؤهُ إِلا شِدَّةُ الظهور، أَسْأَلُكَ بِكَ في مرتبة إِطلاقكَ عن كُلِّ تقييد، التي تفعلُ فيها ما تشاءُ وتُريد، وبكشفكَ عن ذَاتِكَ بالعِلمِ النوري، وتحوّلِكَ في صورِ أسمائكَ وصفاتِكَ بالوجودِ الصوري، أَن تصلّي على سيّدِنا مُحَمَّدٍ صلاةً تُكَحِّلُ بِهَا بصيرتي بالنورِ المرشوشِ في الأزل، لأَشهدَ فناءَ ما لَم يكُن وبقاءَ ما لَم يزل، وأرى الأشياءَ كما هي في أَصلِها معدومةً مفقودة وكونها لم تشم رائحةَ الوجودِ فضلًا عن كونها موجودة.

 وأخرجني اللهُمَّ بالصلاةِ عليْهِ مِن ظُلمةِ أنَانيتي إِلى النور، ومن قبرِ جسمانيتي إِلى جمعِ الحشر وفرقِ النشور، وأفِض عليّ مِن سماءِ توحيدِكَ إِيّاكَ ما تطهّرني بِهِ من رِجس الشِّرْكِ وَالإِشْرَاك، وأنعشني بالموتةِ الأولى والولادةِ الثانية، وأحيني بالحياةِ الباقية في هذه الدنيا الفانية، واِجْعَلْ لي نورًا أمشي بِهِ في الناس فأرى بِهِ وَجهَكَ أينما توليتَ بدونِ اشتباهٍ ولا التباس، ناظرًا بِعَيْنَيِ الجَمْعِ والفَرْقِ، فاصلًا بَيْنَ الباطلِ وَالحَقِّ، دَالًّا بِكَ عَلَيْكَ وهاديًا بإِذنِكَ إِلَيْكَ، يا أرحم الراحمين، يا أرحم الراحمين، يا أرحم الراحمين، وصلِّ وسَلِّم على سيّدِنَا مُحَمَّدٍ صلاةً تتقبلُ بِهَا دعائي وتُحَقِّق بِهَا رجائي، وعلى آلِهِ آلِ الشُهُوْدِ والعرفان، وأصحابِه أَصحابِ الذوقِ والوجدان، ما انتشرت طرّةُ ليلِ الكيان، وأسفرت غرّةُ جَبِينِ العيان، آمين آمين آمين، وسَلاَمٌ عَلَى المُرْسَلِينَ وَالْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِين.

شرح الصلاة الذاتية

‎اللهم صلِّ على طلعة الذات المطلسم، والغيث المطمطم، والجمال المكتّم، لاهوت الجمال، ناسوت الوصال، وطلعة الحق، هوية إنسان الأزل في نشر من لم يزل، من قامت به نواسيت الفرق في طُرقِ الحق، فصلّ اللهم به منه عليه وسلِّم تسليماً كثيرا والحمد لله رب العالمين.

….

‎ الحمد لله، وبعد

‎فهذا شرحٌ موجز  للصلاة الذاتية كتبه خويدم الطريقة الأكبرية، الفقير إلى رحمة ربه أيمن حمدي.

‎أسأل الله أن ينفع به كل مصلّ على سيدنا محمدٍ بها.

‎قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه وأرضاه (اللهمَّ صلِّ) أي صلِّ عني يا الله وقد وكّلتك لعِظَم قدر حبيبك عندك وعندي، والصلاةُ صلةٌ ورحمةٌ سارية، (وسلّم) أي ألقِ سلامك على (طلعة الذات المُطلسم) قال الإمام جعفر الصادق عليه السلام لتلميذه جابر بن حيان: معنى طلّسم مقلوب اسمه أي مسلّط على ما وُكِّل به، يعني صلّ وسلم يا الله على من هو مظهر فيض ذاتك الحاكم على كل الأكوان والمكونات الكليات والجزئيات (والغيث المطمطم) السحاب الممتلئ المشحون، قال تعالى (هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظُللٍ من الغمام والملائكة وقضي الأمر وإلى الله ترجع الأمور) البقرة:٢١٠. والخواتيم عين البدايات، ففي قول الشيخ الأكبر رضي الله عنه إشارة إلى أن هذه السُحب عبارة عن طلعة الحق تعالى، إذ إتيانه سبحانه في ظُلل من الغمام والملائكة في الأخرة هو عين طلعةِ ذاته في المشهد المُشار إليه، فبان أن ظُلل الغمام عبارة عن حقائق رسله ورسالاته، كما أن الغيث المطمطم المذكور هو حقيقة خاتمهم عليهم جميعاً صلوات الله وسلامه. (والجمال المُكتّم) يعني أن جمال حقيقته صلى الله عليه وسلم مكتومٌ مكنوزٌ مستورُ في جمال مظهره، (لاهوت الجمال، ناسوت الوصال) إشارة إلى كمال جمعيته صلى الله عليه وسلم لحقائق الأسماء اللاهوتية ومظاهر الصفات الناسوتية، وإضافته رضي الله عنه اللاهوت للجمال لكونه صلى الله عليه وسلم جامع لحقائق الأسماء من حضرة الجمال لانفراد الحق تعالى بحضرتي الجلال والكمال الأسمائي، إذ ثوب الاسم غير الاسم ذاته، فمهما خلع اللهُ على عبدٍ مِن عباده اسماً من أسمائه فقد كساه بحلة جمال أنوار الاسم، وهذا غاية التحقيق لانفراده تعالى بأحكام الأسماء في حضرة الجلال وكنزيتها في حضرة الكمال، كما أن إضافته رضي الله عنه الناسوت للوصال لتحققه بالصورة الكمالية المشار إليها في الحديث الشريف بقوله صلى الله عليه (خلق آدم على صورته) أو ما قاله مما هذا معناه، فكانت الصورة سبب الوصل إذ لا مناسبة مشتركة بين العبد والرب إلا الصورة المشار إليها في الحديث والتي هي على التقريب صورة أسمائه وأخلاقه تعالى، وفي الحديث (إن لله ثلاثمائة خُلق مَن تخلّق بواحدةٍ منها دخل الجنة)، وقد اجتمعت في الإنسان الكامل الذي هو سيد ولد أدم على التحقيق، وكذلك تجتمع في كل كامل بقدرٍ معلومٍ عنده تعالى، ولذا يُسمى الكامل إنسانا وخليفة (وطلعة الحق) أي مظهره الذي لولاه ما عرفنا الحق تعالى، (هوية إنسان الأزل) والهوية عبارة عن الحقيقة الغيبية، ولكل شخصٍ في العالم هوية عبارة عن غيب ذاته، وإنسان الأزل إشارة إلى تلك الذات في الحضرة العلمية، أعني كينونته في علم الله القديم، وقد يُطلق عليها العين الثابتة، (في نشر مَن لم يزل) يعني في بروز المكنون في تلك الحضرة العلمية من عالم الغيب إلى عالم الشهادة، (مَن أقمت به نواسيت الفرق) يعني مَن جعلتَ استناد شخوصنا الإنسانية في عالم الشهادة  إلى حقيقته الكمالية، والفرق إشارة إلى الكثرة، ويقابلها الجمع المشار إليه في كلامنا عن الهوية، وهو قوله تعالى (هل أتى على الإنسانِ حينٌ مِن الدهر لم يكن شيئا مذكورا )، فهو في حضرة الطمس جاهلٌ مجهول إلا أنه معلومٌ لله تعالى، ومن هنا وصفوا الكامل – الآخذ عن الحق تعالى من البشر –  بالعالم الجاهل، لعلمه بالله مع شهوده جهله وعدمه في حضرة القديم، وقوله رضي الله عنه (إلى طُرق الحق) إشارة إلى التوحيد لكون الحق واحد وتتعدد إليه الطرق، وفي روايةٍ أخرى جاءت بالإفراد “طريق”، ( فصلِّ اللهم به منه عليه) إشارة إلى فناء المصلي في الله من أثار أنوار أسرار (والله خلقكم وما تعملون) وقوله رضي الله عنه (وسلِّم تسليماً كثيرا) واضح المعنى (والحمد لله رب العالمين) امتثالا لقوله تعالى (وأخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين). انتهى ما من به الله علينا من شرح هذه الصلاة المباركة بنصها المعتمد عند الفقير.

‎ثم نشرع في شرح معنى (بقاب ناسوت الوصال الأقرب) والتي وردت هكذا في رواية (من قامت به نواسيت الفرق في طريق الحق بقاب ناسوت الوصال الأقرب) فأقول:-

‎ القاب هو موضع اتصال الوتر بالقوس، وعلى ذلك يكون لكل قوسٍ قابان، فيصير معني وجود قابٍ واحد لقوسين معنى غامض من معاني التعين يمكن أن نعبر عنه ببرزخيته صلى الله عليه وسلم من حيث كون ذاته عبارة عن برزخ الجمع والفرق، والوحدة والكثرة، والفصل والوصل، إذ صار القوسان في معراجه صلى الله عليه وسلم أقرب ما يكونا إلى الدائرة، فصار للقوسين قابٌ واحد بعد أن كان لهما أربعة أقواب، وذلك يعني اتحاد القوسين من جهة حضرة القديم، وقيامه عليه الصلاة والسلام قاباً بدلاً عن قابي الحدوث بالبرزخية المشار إليه حيث به أبان الله أن العبدَ عبدٌ والرب رب،  وهذا معنى غاية في الدقة من معاني الاتحاد الكوني لا يحتمله كل أحد، ولذا رجُح الفقير الرواية الأولى، مع شرح معنى ما تميزت به الرواية الأخرى، ثم إن من معاني القاب أيضا أنه المسافة بين منتصف القوس ومنتصف الوتر، فيكون معنى قاب القوسين قُطر الدائرة، وهو الخط الواصل بين إي نقطتين على محيط الدائرة ماراً بمركزها، وفي هذا المعنى إشارات أخرى

‎كما ورد في نفس الرواية (الغيب المطمطم) وفي رواية الفقير (الغيث المطمطم) والمعنى واحد إذ السحابة المشار إليه كانت ولا زالت في عالم الغيب، وهو قوله صلى الله عليه وسلم (كان الله في عماء) والعماء عبارة عن السحابة الكثيفة، وذلك غيب الرتق قبل الفتق وظهور الكثرة والفرق والله أعلم.

شرح صلاة الشيخ الأكبر المعروفة بالصلاة النارية

للفقير أيمن حمدي

اللهمَّ صلِّ صلاةً كاملةً وسلِّم سلاماً تاماً على سيدنا محمدٍ الذي تنحلُّ به العُقد، وتنفرجُ بهِ الكُرب، وتُقضى به الحوائج، وتُنالُ بهِ الرغائب وحُسن الخواتيم ويُستسقى الغمام بوجهه الكريم، وعلى آلهِ وصحبه في كلِّ لمحةٍ ونَفسٍ بعددِ كلِّ معلومٍ لك يا ألله الحيُّ القيوم العليًّ العظيم.

الشرح

(اللهمَّ) أي نسألك يا الله باسمك العظيم الذي اختاره الشارعُ لذلك الطلب العظيم فلم يسألك أحدٌ أن تصلي على حبيبك سيدنا محمدٍ صلى الله عليه وسلم إلا من حيث اسمك المختص بالصلاة عليه وهو اللهم حتى قيل فيه أنه الاسم المفرد (الله) وقد قرنت به ميم محمد نيابة عن ياء النداء إعلاماً بمقام قربه صلى الله عليه وسلم (صلِّ) تفويضاً منا إليك لعلو قدره، وإفاضةً منك عليه لخصوص سره، نسألك أن تصلي عليه امتثالاً لأمرك المنصوص عليه في كتابك بقولك ((يا أيها الذين أمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما))، وقد جاء في الحديث عن أبي محمد كعب بن عجرة رضي الله عنه قال: خرج علينا النبي صلى الله عليه وسلم فقلنا: يا رسول الله قد علمنا كيف نسلم عليك، فكيف نصلي عليك. قال: قولوا [اللهم صل علـى محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم إنك حميدٌ مجيد. اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم إنك حميدٌ مجيد] متفقٌ عليه. وعن أبي حميد الساعدي رضي الله عنه قال: قالوا يا رسول الله كيف نصلي عليك؟ قال: [قولوا: اللهم صل على محمد وعلى أزواجه وذريته كما صليت على إبراهيم، وبارك على محمد وعلى أزواجه وذريته كما باركت على إبراهيم إنك حميدٌ مجيد] متفقٌ عليه.

وقد ورد عنه صلى الله عليه وسلم غير هاتين الصيغتين مما هو مشهور مِن صِيَغ الصلاة عليه بزيادة ونقصٍ في بعض الألفاظ توسعةً وتيسرا، وقد يكمل بعضها بعضا، ولذا قال الشيخ الأكبر رضي اله عنه اللهم صلِّ (صلاةً كاملةً) من حيث رتبتها، فنسبة الكمال راجعة إلى رتبتها لا إلى ذاتها وإلا فكل ما صدر عن الحق تعالى كاملٌ، وقد قيل أن الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم على ثلاث مراتب، المرتبة الظاهرة وهي صلاة المصلي عليه باللفظ المنطوق، والرتبة الباطنة وهي صلاته جل وعلا في حضرة الملأ من الملائكة الكرام المشار إليها في قوله تعالى ((إن الله وملائكته يصلون على النبي)) فتلك صلاة باطنةٌ عن الخلق قد علمناها بالنص القرآني، ثم مرتبة باطن الباطن، وهي صلاته سبحانه وتعالى في خاصة نفسه، المشار إليها في حديث المعراج، والكمال هو الجمع، فلما كان صلى الله عليه وسلم أكمل الخلق لجمعيته، طلب المصلي من الله تعالى أن يصلي عليه صلى الله عليه وسلم صلاةً كاملة جامعةً لكل المراتب ما علمنا منها وما لم نعلم. (وسلِّم سلاماً تاماً) أي اشمله وعُمّه بالسلام كله وأجزاءه التي هي جسمه ونفسه وعقله وقلبه وروحه وجميع ظاهره وباطنه فذلك معنى التمام، كما يقال في الستة عددٌ تام لكون مجموع أجزائه مساوٍ له في المقدار، وهذا مما يختص به العدد التام، فأجزاء الستة السدس وهو الواحد والثلث وهو الاثنان والنصف وهو الثلاثة، ومجموعهم عين الستة، فبان لنا أن المقصود بوصف السلام بالتام هو كما سبق القول بأن يعم السلام أجزاءه وكله، والمعنى الموجز صلِّ وسلِّم يا الله (على سيدنا محمدٍ) صلى الله عليه وسلم (الذي تنحلُّ به العُقد) وأعظمها عقدة الكفر التي تنحل بالإيمان المبعوث به صلى الله عليه وسلم. (وتنفرجُ بهِ الكُرب) فهو الذي دعانا إلى أن يكون ديدننا ذلك بقوله صلى الله عليه وسلم [مَن فرّج عن أخيه كربة مِن كُرب الدنيا فرّج الله عنه كُربة مِن كُرب يوم القيامة، ومن سترعلى أخيه المسلم في الدنيا ستره الله عز وجل يوم القيامة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه] فلمّا دعى صلى الله عليه وسلم إلى تفريج الكُرَب كان على التحقيق مفرّج كل كربة. فهو الذي تنفرج به الكرب (وتُقضى به الحوائج) توسلاً وسؤلا مِن المجيب سبحانه وتعالى وقد أجمع أهل العرفان أنه لما كانت الصلاة عليه مقبولة لا محالة كان كل دعاءٍ بطلبٍ بين صلاتين مقبول، وكل صاحب حاجةٍ حاجته مقضية ببركته صلى الله عليه وسلم (وتُنالُ بهِ الرغائب) أي كل مرغوبٍ مطلوب (وحُسن الخواتيم) مقرونٌ بمحبته واتباعه (ويُستسقى الغمام بوجهه الكريم) وقد روى أبو داوود في سننه حديث جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه دعا في الاستسقاء [اللهم اسقنا غيثاً مريئا مريعاً نافعاً غير ضار عاجلاً غير آجل] قال: فأطبقت عليهم السماء. أي أمطرت بتوجهه صلى الله عليه (وعلى آلهِ وصحبه في كلِّ لمحةٍ ونَفسٍ بعددِ كلِّ معلومٍ لك) أي اجعل صلاتك عليه دائمه في كل لمحة يلمحها لامح وكل نفَسٍ يتنفسه متنفِّس (يا ألله الحيُّ القيوم العليًّ العظيم.) وتلك هي الأسماء العظام التي اشتملت عليها آية الكرسي، وأثرها في الحفظ معلومٌ مشهود، وأغلب النسخ لا تشتمل على هذه الأسماء إلا أن الفقير تلقاها كذلك، وتكون هذه الصلاة مركبة من اربعةٍ وأربعين كلمة باعتبار اسمه تعالى {الحي القيوم} اسمٌ واحد، فإذا ضربت عدد كلماتها في عدد اسم {ولي مجيب} وجُمّله مائة وواحد فالناتج عددها المشهور وهو أربعة ألاف وأربع مائة وأربعة وأربعون، والله أعلم