توجهات أيام الأسبوع

الحمد لله، وبعد

فلمَّا كان العالَمُ الذي خلق الله الإنسان فيه واحدًا، رأه العارفون إنسانًا كبيرا، كما رأوا الإنسان عالَمًا صغيرًا لِما اختصه الله من الخلق باليدين، فهو عضوٌ مِن أعضاء جسد العالَم بما هو شخصٌ، وأنموذجٌ على صورة العالَم بما هو إنسانٌ مؤهَلٌ للخلافةِ إن سلك طريق الاعتدال الموصل للكمال.

فهو على صورة أخلاق الأسماء الإلهية من حيث كماله، كما جاء في الحديث: إن لله ثلاثمائة خُلُقٍ، من تخلَّق بواحدٍ منها دخل الجنة، أو كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم مما هذا معناه.

وهو على صورة العالَم من حيث ذلك العالم عبارة عن مجموع مظاهر تجليات الحق سبحانه، فيه ما فيه.

فالمناسبات بين الإنسان والعالم لا تُحصى وإن انحصرت لوجوب حصر حقائق العالم وإن لم تُحص لتقيده بالمكان والزمان وغير ذلك.

وقد اعتمد الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي مبدأ المضاهاة بين الإنسان والعالم في سلوك طريق الجمعية والتعرف، واعتمد في جميع صور المضاهات النظر للمناسبات بين الإنسان والعالم، من حيث الزمان والمكان والرتب والحقائق واللطائف والكثائف وغير ذلك.

ولعل من المناسبات التي يستحب الوقوف عليها، ما يكون بين هيئات الأفلاك الحاصلة عند حركة الكواكب السيارة، والمتجلية في صور أيام الاسبوع من وجه، وبين عالم الحروف من وجهٍ أخر، وقد بينتُ بعض وجوه تلك المناسبات في كتاب الطريقة الأكبرية، وألمحت إلى كيفية العمل بها في طريق التوجهات التعبدية، غير أن ثَمَّ وجهٌ أود التنبيه إليه باختصارٍ شديدٍ، عسى أن يجد السالك عليه ذوقًا جديدا في طريقة التوجهات، فإن الخالق الموجد سبحانه قد أودع في كل سماءٍ أمرها، وهو الذي خلق سبع سموات ومن الأرض مثلهن يتنزل الأمر بينهن، فيستعد المتوجه للتنزل المخصوص بكل يوم بالمناجاة والدعاء بحسب قابلية كل متوجه وفراغه لتلقي التنزلات، وقد أشار الشيخ الأكبر إلى أصناف ما أودع الله تعالى من العلوم والأرزاق في كل سماء، ذكر ذلك في الفتوحات المكية وغيره من مصنفاته، واختصرناها في كتاب الطريقة الأكبرية، فلتنظر هناك إن شاء الله.

أما جدول المناسبات فهو هذا:

توجهات الأيام فلكيا